للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الأول (١): أن الوادي كان رقيقًا.

ونحن نعلم أنه عندما يكون المكان رمليًّا فإن الإنسان يشد على الدواب، بل حتى السيارات تحتاج أيضًا إلى سرعة حتى لا تتوقف وتتعطل في الرمال.

القول الثاني (٢): من العلماء من قال: بل إن السبب في ذلك أن هذا الوادي هو الذي عذب اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فيه أصحاب الفيل، وهم الذين أرادوا هدم الكعبة وحمل حجارتها -كما هو معلوم-؛ وقد قال اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- عن عذابهم: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)} [الفيل: ٣ - ٥]؛ قالوا: فهذا موضع العذاب، والمسلم ينبغي إذا مر بمثل هذه الأماكن أن يسرع؛ كما جاء في الحديث الأمر بذلك أيضًا عند المرور ببلاد ثمود؛ فالإنسان المسلم لا يدخلها إلا باكيًا (٣)؛ يعني: من خشية اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لأن هؤلاء أقوام قد عذبهم اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

فالإنسان يأخذ الدرس من هذه المواقف؛ فلا ينبغي أن يكون في هذه الأماكن ضاحكًا أو مستهزئًا، لا يخاف من اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، مغترًّا بأن اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- رؤوف رحيم!


= الآخر على وجه الفضل، يصرف وجهه من الشق الآخر يَنْظر، حتى أتى بطن محسر، فحرك قليلًا".
(١) يُنظر: "عمدة القاري"، للعيني (١٠/ ١٦)، قال: "وقيل: سمي به؛ لأنه يحسر سالكه، ويتعبهم".
(٢) يُنظر: "شرح صحيح مسلم"، للنووي (٨/ ١٩٠)، قال: "سمي بذلك؛ لأن فيل أصحاب الفيل حصر فيه. أي: أعيا فيه، وكلَّ".
وانظر: "البحر الرائق"، لابن نجيم (٢/ ٣٦٨)، "الشرح الكبير"، للدردير (٢/ ٤٥)، "مغني المحتاج"، للخطيب الشربيني (٢/ ٢٦٧).
(٣) أخرجه البخاري (٣٣٨١)، ومسلم (٧٥٧٣) عن عبد اللَّه بن عمر، يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأصحاب الحجر: "لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين، إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، أن يصيبكم مثل ما أصابهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>