للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من رحمة اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بنا.

* قوله: (وَعُمْدَةُ مَالِكٍ: أَنَّ ذَلِكَ الوَقْتَ المُتَّفَق عَلَيْهِ الَّذِي رَمَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- هُوَ السُّنَّةُ، وَمَنْ خَالَفَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ الحَجِّ، فَعَلَيْهِ دَمٌ؛ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَخَذَ بِهِ الجُمْهُورُ).

مراده بأثر عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنهما- هذا هو قوله: "من ترك نسكًا فعليه دم"، وفي رواية: "أنه يريق دمًا" (١). يعني: يذبح. وهو أثر موقوف على ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-؛ أي: هو قول له، وأما الحديث المرفوع إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك فضعيف (٢).

فدليل هذه المسألة إذن هذا القول لهذا الصحابي؛ فهل نأخذ به؟

نقول: نعم، نأخذ به؛ لأننا ما وجدنا مَن خالفه من الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، والصحابي لا يُقْدِم على قول مثل هذه الأقوال إلا وهو متأكد منه، فهذا القول لابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قد أخذ به العلماء، وقضوا به في كثير من مسائل الحج؛ فالذي لا يبيت بمنى عليه دم بالاستناد لهذا الأثر، وكذلك الذي يترك المبيت بالمزدلفة. . . وهكذا.

فكثيرة هي الأحكام التي جعل العلماء أصلها وقاعدتها هذا الأثر.


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٥٥٩)، قال: "عن عبد اللَّه بن عباس قال: "من نسي من نسكه شيئًا، أو تركه، فليهرق دمًا". قال أيوب: لا أدري قال: ترك أو نسي".
وكذا جاء عند البيهقي والدارقطني بهذا اللفظ، وقال الألباني في "إرواء الغليل" (٤/ ٢٩٩): "ضعيف مرفوعًا، وثبت موقوفًا".
(٢) قال ابن الملقن في "البدر المنير" (٦/ ٩١): "هذا الحديث لا أعلم من رواه مرفوعًا بعد البحث عنه، ووقفه عليه هو الذي نعرفه عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه-".
وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٢/ ٢٢٩): "وأما المرفوع فرواه ابن حزم من طريق علي بن الجعد عن بن عيينة عن أيوب به، وأعله بالراوي عن علي بن الجعد أحمد بن علي بن سهل المروزي، فقال: إنه مجهول، وكذا الراوي عنه علي بن أحمد المقدسي، قال: هما مجهولان". اهـ.
ولم أقف عليه في "المحلى"، لابن حزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>