للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (فَنَقُولُ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَهوَ السَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي حُكْمِ الْمُحْصَرِ بِمَرَضٍ أَوْ بِعَدُوٍّ، فَأَوَّلُ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هَلِ الْمُحْصَرُ هَاهُنَا هُوَ الْمُحْصَرُ بِالْعَدُوِّ؟ أَوِ الْمُحْصَرُ بِالْمَرَضِ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: الْمُحْصَرُ هَاهُنَا هُوَ الْمُحْصَرُ بِالْعَدُوِّ، وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْمُحْصَرُ بِالْمَرَضِ).

اختلف أهل التأويل في الإحصار الذي جعل اللَّه على من ابتُلِي به في حَجِّه، وعُمرته ما استَيْسَرَ من الهدْي.

* قوله: (فَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُحْصَرَ هَاهُنَا هُوَ الْمُحْصَرُ بِالْعَدُوِّ فَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ -تَعَالَى-: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: ١٩٦]، قَالُوا: فَلَوْ كَانَ الْمُحْصَرُ بِمَرَضٍ لَمَا كَانَ لِذِكْرِ الْمَرَضِ بَعْدَ ذَلِكَ فَائِدَةٌ، وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ -سُبْحَانَهُ-: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦] وَهَذِهِ حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ).

قالوا: معنى قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، فإن حَبَسَكُم عَدَوٌّ عن الوصول إلى البيتِ، أو حابس قاهر من بَنِي آدَم.

قالوا: فأما العِللُ العارِضة في الأبدان كالمرض، والجراح، وما أشبهها، فإن ذلك غيرُ داخل في قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ}، وعِلَّةُ من قال هذه المقالة -أعني: من قال: إن هذه الآية نزلت في حصر المشركين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه عن البيت-، فأمر اللَّه نَبِيَّه ومن معه بنحْرِ هَداياهم والإحلال.

قالوا: فإنما أنزل اللَّه هذه الآية في حصر العدو، فلا يجوز أن يصرف حكمها إلى غير المعنى الذي نزلت فيه.

* قوله: (وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْآيَةَ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي الْمُحْصَرِ بِالْمَرَضِ فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الْمُحْصَرَ هُوَ مَنْ أُحْصِرَ، وَلَا يُقَالُ: أُحْصِرَ فِي الْعَدُوِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>