للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَهْلُ الظَّاهِرِ لَا يُوجِبُونَ الْفِدْيَةَ إِلَّا فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ. وَنَحْنُ نَذْكُرُ الْمَشْهُورَ مِنِ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي تَرْكِ نُسُكِ نُسُكٍ، أَعْنِي: فِي وُجُوبِ الدَّمِ، أَوْ لَا وُجُوبِهِ مِنْ أَوَّلِ الْمَنَاسِكِ إِلَى آخِرِهَا، وَكَذَلِكَ فِي فِعْلِ مَحْظُورٍ مَحْظُورٍ).

أهل الظاهر يقفون لظاهر النصِّ دون قياس أو بُعد نظر، وهذا له تأثيرٌ كبيرٌ على غالب أحكامهم.

* قوله: (فَأَوَّلُ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْمَنَاسِكِ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتِ فَلَمْ يُحْرِمْ هَلْ عَلَيْهِ دَمٌ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: لَا دَمَ عَلَيْهِ (١). وَقَالَ قَوْمٌ: عَلَيْهِ الدَّمُ وَإِنْ رَجَعَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْمُبَارَكِ (٢)، وَرُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِنْ رَجَعَ إِلَيْهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ (٣)،


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ٤١)؛ حيث قال: "لا شيء على من ترك الميقات هذا قول عطاء والنخعي".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ٤١)؛ حيث قال: "وهو قول أبي حنيفة وعبد اللَّه بن المبارك".
(٣) يُنظر: "الأم" للشافعي (٢/ ١٥١)؛ حيث قال: "عن طاوس قال: قال "ولم يسم عمرو القائل إلا أنا نراه ابن عباس" الرجل يُهِلُّ من أهله ومن بعدما يجاوز أين شاء، ولا يجاوز الميقات إلا محرِمًا، أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء أنه رأى ابن عباس يَرُدُّ من جاوز الميقات غير محرم. (قال الشافعي): وبهذا نأخذ، وإذا أهل الرجل بالحج أو العمرة من دون ميقاته ثم رجع إلى ميقاته فهو محرم في رجوعه ذلك، فإن قال قائل: فكيف أمرته بالرجوع وقد ألزمته إحرامًا قد ابتدأه من دون ميقاته؟ أقلت ذلك اتباعًا لابن عباس أم خبرًا من غيره أو قياسا؟ قلت: هو وإن كان اتباعًا لابن عباس ففيه أنه في معنى السُّنَّةِ، فإن قال: فاذكر السنة التي هو في معناها، قلت: أرأيت إذ وقت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المواقيت لمن أراد حجًّا أو عمرة، أليس المريد لهما مأمورًا أن يكون محرمًا من الميقات لا يحل إلا بإتيان البيت والطواف والعمل معه؟ قال: بلى. قلت: افتراه مأذونًا له قبل بلوغ الميقات أن يكون غير محرم؟ قال: بلى. قلت: أفتراه أن يكون مأذونًا له أن يكون بعض سفره حلالًا وبعضه حرامًا؟ قال: نعم. قلت أفرأيت إذا جاوز الميقات فأحرم أو لم يحرم =

<<  <  ج: ص:  >  >>