للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْهَدَايَا إِلَّا الثَّنِيُّ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْأَغْلَى ثَمَنًا مِنَ الْهَدَايَا أَفْضَلُ. وَكَانَ الزُّبَيْرُ يَقُولُ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ، لَا يُهْدِيَنَّ أَحَدُكُمْ لِلَّهِ مِنَ الْهَدْيِ شَيْئًا يَسْتَحْيِي أَنْ يُهْدِيَهُ لِكَرِيمِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمُ الْكُرَمَاءِ وَأَحَقُّ مَنِ اخْتِيرَ لَهُ (١)، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي الرِّقَاب، وَقَدْ قِيلَ لَهُ: أَيُّهَا أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: "أَغْلَاهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا" (٢). وَلَيْسَ فِي عَدَدِ الْهَدْيِ حَدٌّ مَعْلُومٌ، وَكانَ هَدْيُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِئَةً (٣)).

قال ابن عمر: لا يجزئ إلا الثني من كل شيء. وقال عطاء، والأوزاعي: يجزئ الجذع من الكل، إلا المعز.

* قوله: (وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ سَوْقِ الْهَدْيِ فَهُوَ التَّقْلِيدُ وَالْإِشْعَارُ بِأَنَّهُ هَدْيٌ؛ "لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ، وَأَشْعَرَهُ، وَأَحْرَمَ" (٤)، وَإِذَا كَانَ الْهَدْيُ مِنَ الْإِبِلِ وَالبَقَرِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُقَلَّدُ نَعْلًا أَوْ نَعْلَيْنِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النِّعَالَ. وَاخْتَلَفُوا فِي تَقْلِيدِ الْغَنَمِ، فَقَالَ مَالِكٌ (٥)، وَأَبُو حَنِيفَةَ (٦): لَا تُقَلَّدُ الْغَنَمُ.


(١) أخرج مالك في "الموطأ" (١/ ٣٨٠): عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه كان يقول لبنيه: "يا بني لا يهدين أحدكم من البدن شيئًا يستحيي أن يهديه لكريمه، فإن اللَّه أكرم الكرماء، وأحق من اختير له".
(٢) أخرجه البخاري (٢٥١٨)، ومسلم (٨٤).
(٣) أخرجه عبد الرزاق (١٤٧٠٥)، وفيه: "فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِئَةً".
(٤) أخرج البخاري (١٦٩٤) عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ قَالَا: "خَرَجَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- زَمَنَ الحُدَيْبيَةِ مِنَ المَدِينَةِ فِي بضْعَ عَشْرَةَ مِئَةً مِنْ أَصْحَابهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الحُلَيْفَةِ، قَلَّدَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الهَدْيَ، وَأَشْعَرَ وَأَحْرَمَ بِالعُمْرَةِ".
(٥) يُنظر: "المدونة" (١/ ٤٥٤)؛ حيث فيها: "قلت: أرأيت جزاء الصيد وما كان من الهدي عن جماع وهدي ما نقص من حجه أيشعره ويقلده؟ قال: نعم إلا الغنم، قال: وهذا قول مالك".
(٦) يُنظر: "التجريد" للقدوري (٤/ ٢١٨٦)؛ حيث قال: "قال أصحابنا: تقليد الغنم ليس بسنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>