للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَأَنَّهُ إِذَا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَلَمْ يَأْكُل مِنْهُ) (١).

من ساق هديًا واجبًا، فعطب دون محله، صنع به ما شاء، وعليه مكانه، الواجب من الهدي قسمان؛ أحدهما: وجب بالنذر في ذمته. والثاني: وجب بغيره، كدم التمتع، والقران، والدماء الواجبة بترك واجب، أو فعل محظور.

وجميع ذلك ضربان:

أحدهما: أن يسوقه ينوي به الواجب الذي عليه، من غير أن يُعَيِّنَه بالقول، فهذا لا يزول ملكه عنه إلا بذبحه، ودفعه إلى أهله، وله التصرف فيه بما شاء من بيع، وهبة، وأكل، وغير ذلك؛ لأنه لم يتعلَّق حق غيره به، وله نماؤه، دان عطب تلف من ماله، وإن تعيَّب لم يجزئه ذَبْحه، وعليه الهدي الذي كان واجبًا، فإن وجوبه في الذمة، فلا يبرأ منه إلا بإيصاله إلى مستحقه، بمنزلة من عليه دَينٌ فحمَلَهُ إلى مستحِقِّهِ، يقصد دفعه إليه فتلف قبل أن يوصله إليه.

الضرب الثاني، أن يعين الواجب عليه بالقول، فيقول: هذا الواجب علي.

فإنه يتعين الوجوب فيه من غير أن تبرأ الذمة منه؛ لأنه لو أوجب هديًا ولا هدي عليه لتعين، فإذا كان واجبًا فعينه فكذلك، إلا أنه مضمون عليه، فإن عطب، أو سرق، أو ضل، أو نحو ذلك، لم يجزه، وعاد الوجوب إلى ذمته، كما لو كان لرجل عليه دين، فاشترى به منه مكيلًا، فتلف قبل قبضه، انفسخ البيع، وعاد الدين إلى ذمته، ولأن ذمته لم تبرأ من الواجب بتعيينه، وإنما تعلق الوجوب بمحل آخر، فصار كالدين يضمنه


(١) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ٢٩١)؛ حيث قال: "وإن كان واجبًا وعطب قبل محله: أكله كله إن شاء أو أطعمه؛ لأن عليه بدله، وعليه الجمهور، واختلفوا في هدي التطوع يعطب وقد دخل الحرم".

<<  <  ج: ص:  >  >>