للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والضرورة فيه مباح، وإطلاقه الإذن له في ركوبها من غير شرط قرنه به، يدل على أنه لا يلزمه في ذلك غُرم، لما نقصها إن جَهَدها السير، وإلحاقه الوعيد بصاحب البدنة في تركه الركوب يؤكد هذا المعنى إذا كان لعلة، إنما امتنع من ركوبها شفقًا من إثم أو غرم فيها، فكان ظاهر الخبر أن لسائقها ركوبها على كل حال، إلا أن جابرًا روى فى هذه القصة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اركبها بمعروف تجد ظهرًا"، فدل أنها إنما يباح ركوبها مع الحاجة والضرورة فيها.

* قوله: (وَأَجْمَعُوا أَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ إِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهُ صَاحِبُهُ كَسَائِرِ النَّاسِ) (١).

هدي التطوع، وهو ما أوجبه بالتعيين ابتداء، من غير أن يكون عن واجب في ذمته، وما نحره تطوعًا من غير أن يوجبه، فيستحب أن يأكل منه؛ لقول اللَّه تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا}.

وأقل أحوال الأمر الاستحباب.

ولأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أكل من بُدْنِهِ.

وقال جابر: كنا لا نأكل من بُدْنِنا فوق ثلاث فرخص لنا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "كُلُوا وتَزَوَّدُوا"؛ فأكلنا وتزودنا.

وإن لم يأكل فلا بأس؛ فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما نحر البدنات الخمس قال: "من شاء اقتَطَعَ"، ولم يأكل منهن شيئًا.

والمستحب، أن يأكل اليسير منها، كما فعل النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-، وله الأكل كثيرًا والتزوُّد، كما جاء في حديث جابر.

وتُجزئه الصدقة باليسير منها، كما فى الأضحية، فإنَّ أكلها ضمن المشروع للصدقة منها، كما في الأضحية.


(١) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ٢٩١)؛ حيث قال: "ولا خلاف أن هدي التطوع إذا بلغ محله يأكل منه صاحبه إن شاء؛ لأنه في حكم الضحايا، واختلفوا فيمن أكل من الهدي الواجب أو من التطوع قبل بلوغ محله".

<<  <  ج: ص:  >  >>