للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له ركوبه عند الحاجة، على وجه لا يضر به، ولا يركبه إلا عند الضرورة؛ "لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: اركبها بالمعروف إذا أُلْجِئتَ إليها، حتى تجد ظَهْرًا". ولأنه تعلق بها حق المساكين، فلم يجز ركوبها من غير ضرورة، كملكهم.

فأما مع عدم الحاجة، فلا يجوز، وقيل: يجوز؛ لما روى أبو هريرة، وأنس، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى رجلًا يسوق بدنَةً، فقال: "اركبها". فقال: يا رسول اللَّه، إنها بدنة. فقال: "اركبها، ويلك". في الثانية أو في الثالثة.

* قوله: (وَالْحُجَّةُ لِلْجُمْهُورِ مَا خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ جَابِرٍ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ رُكُوبِ الْهَدْيِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا" (١). وَمِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِمَا قُصِدَ بِهِ الْقُرْبَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَنْعُهُ مَفْهُومٌ مِنَ الشَّرِيعَةِ).

يقول: (اركبها بالمعروف إذا لم تجد ظَهْرًا): فأباح عليه السلام ركوبها في حال الضرورة، فثبت أن حكم الهدى أن يرُكَبَ للضرورة.

* قوله: (وَحُجَّةُ أَهْلِ الظَّاهِرِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ: "ارْكَبْهَا"! فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا هَدْيٌ! فَقَالَ: "ارْكَبْهَا. . . وَيْلَكَ" فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ (٢)).

هذا القول يدل منه -صلى اللَّه عليه وسلم- على أنَّ ركوب البدنَةِ عند الحاجة إليه


= مذهب الشافعية: الحاوي الكبير (٤/ ٣٧٦)؛ حيث قال: "قال الشافعي: ويركب الهدي إن اضطر إليه ركوبًا غير قادح ويحمل المضطر عليها لرواية ابن الزبير عن جابر قال سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ركوب الهدي فقال: "اركبها".
(١) أخرجه مسلم (١٣٢٤).
(٢) أخرجه البخاري (١٦٨٩)، ومسلم (١٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>