للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدعي له علي، فقال له: خذ بأسفل الحربة. وأخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأعلاها، ثم طعنا بها البدن".

وإنما فعلا ذلك؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أشرك عَلِيًّا في بُدنه.

وقال جابر: "نحر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاثا وستين بَدنَةً بيده، ثم أعطى علِيًّا فنحر ما غبر".

وروي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحر خمس بَدناتٍ، ثم قال: "من شاء اقتطع".

فإن لم يذبح بيده، فالمستَحَبُّ أن يشهد ذبحها؛ لما روي: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لفاطمة: "احضُرِي أضْحِيَّتَكِ يغفر لك بأول قطرة من دَمِها".

ويستحب أن يتولى تفريق اللحم بنفسه؛ لأنه أحوط وأقل للضرر على المساكين، وإن خلى بينه وبين المساكين جاز، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من شاء اقتطع".

* قوله: (وَأَمَّا مَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْهَدْيِ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَبِلَحْمِهِ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ مَسَائِلَ مَشْهُورَةً، أَحَدُهَا: هَلْ يَجُوزُ لَهُ رُكُوبُ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ أَوِ التَّطَوُّعِ؟ فَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ (١) إِلَى أَنَّ رُكُوبَهُ جَائِزٌ مِنْ ضَرُورَةٍ وَمِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَبَعْضُهُمْ أَوْجَبَ ذَلِكَ، وَكَرِهَ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ (٢) رُكُوبَهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ).


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ٢٤٠)؛ حيث قال: "مذهب أهل الظاهر إلى أن ركوبه جائز من ضرورة وغير ضرورة".
(٢) مذهب الأحناف، يُنظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (٤/ ٤٩٢)، حيث قال: " (ومن ساق بدنة فاضطر إلى ركوبها ركبها، وإن استغنى عن ذلك لم يركبها) ".
ومذهب المالكيَّة، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٣/ ١٩٤)، حيث قال: " (وندب عدم ركوبها بلا عذر) ش: قال سند: وهو مقيد بشرط سلامتها، فإن تلفت بركوبه ضمنها قال: ولا يركبها بيحمل ولا يحمل عليها متاعا، وإنما يفعل من ذلك ما دعت الحاجة إليه، وقال ابن عبد السلام: ركوب الهدي لضرورة جائز، ولغير ضرورة المشهور كراهته، والقول الثاني: جوازه ما لم يكن ركوبا فادحًا". =

<<  <  ج: ص:  >  >>