للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا، الفقهُ أمرُهُ مطلوبٌ، ولا يأتي إنسان ويقول: آخُذُ الفقهَ من الكتاب والسُّنَّة، وهذا الذي يأخذ الحكم من الكتاب والسُّنة هو مَنْ وَهَبه اللَّه باعًا واسعًا، وَرَسختْ قدمُهُ في العلم، ودرس الكتاب والسُّنة، وعرف -كما قال الإمام الشافعي- الناسخَ والمنسوخَ، والمطلقَ والمقيدَ، وكان عنده حظ من ذلك، وقد أتْنى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، وبيَّن فضلهم ومكانتهم وغزير علمهم، فقال: "لَوْ أنفقَ أحدُكُم مثل أُحُد ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم، ولا نصيفه"، كما بَيَّن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (١).

فالفقه في دين اللَّه مطلوب، سواء كان ذلك في فقه العقيدة، أو الفقه الذي نعرفه بالفروع، فهذا مطلوب من المسلم أن يتفقه فيه، وألا يأتي الإنسان فيتسرع في أمورٍ، إذ إنه يحفظ حديثًا أو آيةً فيقول بأنه عرف العلم، فيفتي ويتكلَّم؛ إنما يجب على المسلم ألا يتكلَّم إلا عن علمٍ وبيِّنةٍ فـ "مَنْ يرد اللَّه به خيرًا، يفقهه في الدِّين" (٢).

* قوله: (وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ صِحَّةِ هَذَا الأَثَرِ، فَلَمْ يَعْتَرِفْ بِذَلِكَ، لَكِنْ قَالَ: لَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَتَحَامَوْنَ غَزْوَهُمْ) (٣).

الحديث الذي أوردت روايته هو حديث حسن في "سنن أبي داود"،


= وكذب. قال: بلغني أنه كان يقول: إيماني كإيمان جبريل، قلت: بلغك الباطل، كان يقول: إن اللَّه تعالى بعث جبريل عليه السلام إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كما بعثه إلى مَنْ قبله، فأمره أن يدعو الناس إلى الإيمان، فالإيمان إيمان واحد لا إيمانان ولا ثلاثة، ولا إيمان هذا وإقرار ذا غير إيمان ذا وإقرار ذا، فتبسم كالراضي ولم يقل شيئًا. . . هكذا جادل مالكًا أبو حنيفة، ثم استمع مالك لحفيد أبي حنيفة".
(١) أخرجه البخاري (٣٦٧٣)، ومسلم (٢٥٤١)، عَنْ أبي سعيدٍ الخدري -رضي اللَّه عنه- قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تسبُّوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحُدٍ ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم، ولا نصيفه".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد (١٧/ ٥٤٤) حيث قال: "وسئل مالك: هل بلغك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: " ذروا الحبشة ما تركوكم؟ "، قال: أما عن النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ فلا، ولكن قد سمعته يقال".

<<  <  ج: ص:  >  >>