للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحنفيَّة يرون أحد أمرين: إما القتل أو الاسترقاق، وأما أن يمن عليهم دون عوض، فهذا قول للمالكية (١)، وفي رواية: بعوض (٢)؛ لأنه لا مصلحة فيه، وإنما يثبت أن يكون فيه عوض.

* قوله: (مِنْهَا أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ).

هذا صنف آخر أشار إليه المؤلف، والحسن البصري (٣)، وسعيد بن جبير (٤)، وعطاء (٥)، فقد قالوا: يُكْره قتل الأسرى؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد وقعة بدر عندما أسر المسلمون الجمعَ الكثير من المشركين، فالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- مَنَّ على بعضهم، وأخذ الفداء من البعض الآخر، ولأنَّ اللَّه تعَالَى يقول: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤]، فيكون بعد الأسر إما المن، وإما الفداء، فاللَّه تعالى خيَّر بين أمرين: إما أن يمن عليهم فيتركهم دون عوض، وإما أن يأخذ منهم العوض، وسنعلق على هذا القول ونبين ضعفه؛ لأنه ثَبتَ أنَّ الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أخذ الفداءَ (٦)، وثبت عنه أيضًا أنه قتلَ بعض الأسرى (٧).

* قوله: (وَمِنْهَا أَنْ يَسْتَعْبِدَهُمْ).

أي: يَسْترقهم.


(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير و"حاشية الدسوقي" (٢/ ١٨٤) حيث قال: " (أو من) بأن يترك سبيلهم".
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير و"حاشية الدسوقي" (٢/ ١٨٤) حيث قال: " (أو من) بأن يترك سبيلهم، ويحسب من الخمس (أو فداء) من الخمس أيضًا بالأسرى الذين عندهم أو بمال".
(٣) أخرجه عبد الرزَّاق في "المصنف" (٩٣٩٣) عن معمر، عمن سمع الحسن يقول: "لا يقتل الأسارى إلا في الحرب، نهيب بهم"، وأخرجه أبو عبيد في "الأموال" (٣٢٢)، عن الحسن أنه كره قتل الأسير، وقال: منَّ عليه أو فاده.
(٤) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٢٢١) حيث قال: "وحُكِيَ عن الحسن، وعطاء، وسعيد بن جبير، كراهة قتل الأسرى".
(٥) أخرجه أبو عبيد في "الأموال" (٣٢٣).
(٦) سيأتي.
(٧) سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>