للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمالكية (١)، ومذهب المالكية فيه تفصيل.

والحنابلة لهم رواية أُخرى وهي المشهورة: "أن الاسترقاق لا يكون في حق عبدة الأوثان، وإنما واحد من ثلاثة: القتل، أو المن دون عوض، أو أخذ الفداء (٢).

أما الحنفية رحمهم اللَّه فإنهم يرون: "أن الإمام مخيرٌ بين أمرين لا زيادة على ذلك، إما القتل وضرب الرقاب، وإما الاسترقاق"، أما المنُّ والفداء فلا (٣)؛ لقول اللَّه تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥]، وهي بَعْد قوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤]، فَهذه قضت على تلك.


= أسير حر مقاتل بين قتل ورق وفداء بمال، ويجب اختيار الأصلح للمسلمين، فقتل أولى ومَنْ فيه نفع، ولا يقتل كأعمى وامرأة وصبي ومجنون ونحوهم؛ كخنثى رقيق بسبي، وعلى قاتلهم غرم الثمن غنيمة، والعقوبة والقن غنيمة، ويقتل لمصلحة، ويجوز استرقاق مَنْ لا يقبل منه جزية أو عليه ولاء لمسلم، ولا يبطل استرقاق حقًا لمسلم، ولتعين رق بإسلام عند الأكثر".
(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير، و"حاشية الدسوقي" (٢/ ١٨٤) حيث قال: " (كالنظر) من الإمام بالمصلحة للمسلمين (في الأسرى) قبل قسم الغنيمة (بقتل)، وبحسب من رأس الغنيمة (أو من) بأن يترك سبيلهم، ويحسب من الخمس (أو فداء) من الخمس أيضًا بالأسرى الذين عندهم أو بمال (أو) ضرب (جزية) عليهم، ويحسب المضروب عليهم من الخمس أيضًا (أو استرقاق) ".
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٢٢١) حيث قال: "الثالث: الرجال من عبدة الأوثان وغيرهم ممن لا يقر بالجزية، فيتخير الإمام فيهم بين ثلاثة أشياء: القتل، أو المن، والمفاداة، ولا يجوز استرقاقهم، وعن أحمد جواز استرقاقهم".
(٣) يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني (٢/ ٣٨٤) حيث قال: "وهو في الأسارى بالخيار؛ إن شاء قتلهم؛ لأنه -عَلَيه الصلاة والسلام- قد قتل، ولأن فيه حسم مادة الفساد، وإن شاء استرقهم؛ لأن فيه دفع شرهم مع وفور المنفعة لأهل الإسلام، وإن شاء تركهم أحرارًا ذمة للمسلمين لما بيناه إلا مشركي العرب والمرتدين على ما نبيِّن إن شاء اللَّه تعالى.
ولا يجوز أن يردهم إلى دار الحرب؛ لأنَّ فيه تفويتهم على المسلمين، فإن أسلموا لا يقتلهم لاندفاع الشر بدونه، وله أن يسترقهم توفيرًا للمنفعة بعد انعقاد سبب الملك بخلاف إسلامهم قبل الأخذ؛ لأنه لم ينعقد السبب بعد، ولا يفادى بالأسارى عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>