للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نهى عن قتل النساء والصبيان" (١)، اقتُلُوا شُيُوخهم؛ أي: كبارهم، وَليسَ المُرَاد هنا بالشيخ المعنى المعروف، ولكن يشمل اللفظ حتى الشاب يُقْتل أي: كل مَنْ بلغ فإنه يدخل في ذلك، والمقصود بـ "شرخهم": صغارهم، ولذلك يقول: شرخ الشباب أي: أول الشباب، فإن هؤلاء الذين لم يبلغوا بعد، فمَنْ بلَغ فإنه يُقْتل؛ سواء كان عند سن البلوغ أو تجاوز ذلك.

* قوله: (وَكَأَنَّ العِلَّةَ المُوجِبَةَ لِلْقَتْلِ عِنْدَهُ إِنَّمَا هِيَ الكُفْرُ).

علَّل الشافعية القتلَ بالكفر، فإذا كان قَتل هؤلاء لكفرهم؛ فلا يفرق حينئذٍ بين شابٍّ وغيره، هارمٍ وبين غير هارمٍ، بين منقطع للعبادة وغير منقطع، أجير وغير أجير، كلُّ هؤلاء يدخلون (٢).

وأمَّا العلماء فإنهم نظروا نظرةً أُخرى، فقد تعمَّقوا في روح هذه الشريعة، وفي لُبِّها، وأدركوا أن هناك غاية مقصودة، وأن هناك حكمة في هذه الشريعة، وهو وجود الإيذاء، والمؤذي إنما هو المقاتل، إذًا هذه نظرة جماهير العلماء، وقد أدركوا ذلك بمفهوم وسبل هذه الشريعة إلى جانب الأدلة التي معهم في هذا المقام (٣).

* قوله: (فَوَجَبَ أَنْ تَطَّرِدَ (٤) هَذِهِ العِلَّةُ فِي جَمِيعِ الكُفَّارِ).

"تطرد": بمعنى تسري على جميع الكفار.


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٤/ ٣١٠) حيث قال: "وقد اختلف قول الشافعي في إباحة قتل الرهبان، وأصحاب الصوامع، والأعمى ومَنْ لا نهضة فيه من الشيوخ والزمنى الذين لا يقاتلون؛ إما لتعبد كالرهبان، أو لعجز كالشيخ الفاني، ففي جواز قتلهم قولان:
أحدهما: يجوز قتلهم؛ لأنهم من جنس مباح القتل، ولأنهم كان رأيهم وتدبيرهم أضرَّ علينا من قتال غيرهم، فعلى هذا لا يقرون في دار الإسلام إلا بجزية".
(٣) تقدَّم تخريج ذلك مفصلًا.
(٤) "اطراد الشيء": أيْ: تابع بعضه بعضًا. انظر: "التوقيف على مهمات التعاريف" للمناوي (ص ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>