للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَمَنْ رَأَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [البقرة: ١٩٠]، وَهِيَ مُحْكَمَة، وَأَنَّهَا تَتَنَاوَلُ هَؤُلَاءِ الأَصْنَافَ الَّذِينَ لَا يُقَاتِلُونَ، اسْتَثْنَاهَا مِنْ عُمُومِ تِلْكَ)،

ما يظهر لنا -واللَّه أعلم- هو رجحان قول أن الذين استثنوا؛ كالشيخ الكبير الذي انقطع في صومعته، والعبيد؛ أي: العسيف والأجير، وكذلك الذي يشتهر بالفلاحة ويتجنب القتال؛ أما مَنْ يقاتل منهم، فإنه يُقْتَل، هَذَا هو الأَظْهَرُ، وهو مذهب جماهير العلماء، ومنهم الأئمة الثلاثة (مالك وأبو حنيفة وأحمد)، والشافعية خالفوا في روايتهم المشهورة (١)، وقَوْلهم -في نظري- مرجوحٌ في هذَا.

* قوله: (وَقَدِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "اقْتُلُوا شُيُوخَ المُشْرِكينَ، وَاسْتَحْيُوا شِرْخَهُمْ").

"اقتُلُوا شيوخَ المشركين، وَاستحيوا شرخهم" (٢)، وفي رِوَايةٍ: "وَاستبقوا" (٣)، وَالاستحيَاءُ هو الاستبقاءُ كما في قصة فرعون: {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ} [القصص: ٤].

و"استحيوا"، يعني: استبقوا. "شرخهم"؛ أي: صغارهم؛ أي: اقتلوا كبارهم، واستبقوا صغارهم أي: الذين لم يبلغوا بعد، وهم الذين جاء التنصيص عليهم، أو الإشارة إليهم في حديث عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- المتفق


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) أخرجه الترمذي (١٥٨٣) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب ورواه الحجاج بن أرطاة، عن قتادة نحوه، وأخرجه أحمد في "مسنده" (٢٠١٤٥)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٦٧٥٧، ٦٧٥٨، ٦٧٥٩)، والبيهقي في "الصغرى" (٢٨٣٨).
(٣) أخرجه أبو داود (٢٦٧٠)، وأحمد في "مسنده" (٢٠٢٣٠)، والبيهقي في "الكبرى" (١٨١٦٤)، قال الزيلعي كما في "نصب الراية" (٣/ ٣٩٥): والحجاج بن أرطاة غير محتج به والحسن عن سمرة منقطع في غير حديث العقيقة على ما ذكره بعض أهل العلم بالحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>