للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِنْ أخطَر الأمور: أن يتجاوز المسلم حقَّ أخيه المسلم، فيعتدي عليه بأن يأخذ من ماله، أو أن يعتدي على مال اليتيم، أو أن يتكلم في حقه بغير حقٍّ، هذا أمر لا يجوز أن يفعله المؤمن.

* قوله: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الآيَةَ [التوبة: ٥]).

إنَّ الأشهر الحرم الأربعة نُهِيَ عن القتال فيها، فإذا انسلخت أي: انقضت هذه الأشهر، فإنه حِينَئذٍ يحلُّ القتال، ويكون جائزًا فى هذا المقام، والقتال واجبٌ في الصور الثلاثة التي ذَكَرنا.

* قوله: (فَمَنْ رَأَى أَنَّ هَذِهِ نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [البقرة: ١٩٠]؛ لِأَنَّ القِتَالَ أَوَّلًا إِنَّمَا أبِيحَ لِمَنْ يُقَاتِلُ - قَالَ: الآيَةُ عَلَى عُمُومِهَا).

أوَّلًا: دعوى النسخ تحتاج إلى دليلٍ، ولا دليل عليها؛ أي: لكي نقول: إن هذا ناسخ وهذا منسوخ نحتاج إلى أن نعرف أيهما نزل أولًا، وإن نزلت أخيرًا هل فيها نسخ؟ أو أن هناك تقسيمًا؟ لأنه -بحمد اللَّه- في هذه الشريعة هناك المطلق وما يقيده، وهناك العام وما يخصصه، فالمقيد يقيد المطلق، والخاص يخصص العام، إذًا هذا كلُّه واجبٌ، ومرَّ تفسير ابن عبَّاس -رضي اللَّه عنهما- في آخر هذه الآية (١).

فالقتال أولًا إنما أُبِيحَ لمَنْ يُقَاتل؛ لقوله تَعَالَى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)} [الحج: ٣٩ - ٤١]؛ قال: الآية على عمومها.


(١) سبق بيان ترجيح قول ابن عباس، وأنه ما قال به الطبري وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>