للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُوجِبَةِ لِلْقَتْلِ؛ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ العِلَّةَ المُوجِبَةَ لِذَلِكَ هِيَ الكُفْرُ، لَمْ يَسْتَثْنِ أَحَدًا مِنَ المُشْرِكِينَ).

هذه هي العلة في قتل كل مشركٍ كان، فالعلة هي الكفر، فلا فرق بين رجل وامرأة، ولا بين شيخ وشاب، ولا بين راهب وغيره، فالكل يقتل؛ لأن اللَّه تعالى يقول: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥]، وإن كانت العلة الأُخرى التي يوردها المؤلف وهي أن الذي يقتل هو الذي يقاتل، أو القادر على القتال، فقد مر بنا أن الذي به مرضٌ مزمنٌ لا يقتل، أما الذي به مرض يظن أنه يصح منه، فالعلماء يختلفون فيه أيُقْتل أم لا؟ (١).

* قوله: (وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ العِلَّةَ فِي ذَلِكَ إِطَاقَةُ القِتَالِ لِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِ


(١) لم أجد نصًّا للفقهاء على قتل المريض الذي يُرْجى شفاؤه، وَلَكنهم لم يختلفوا في المجنون الذي يجن ويفيق أنه يقتل.
مذهب الحنفية، يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٤/ ١٣٢) حيث قال: "والذي يجن ويفيق يقتل في حال إفاقته وإن لم يقاتل".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير و"حاشية الدسوقي" (٢/ ١٧٦) حيث قال: " (قوله: فالمجنون أولى)؛ أي: إذا كان مطبقًا، فإن كان يفيق أحيانًا قتل".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" للمرداوي (٤/ ١٢٩) حيث قال: "ويقتل المريض إذا كان ممن لو كان صحيحًا قاتل؛ لأنه بمنزلة الإجهاز على الجريح إلا أن يكون مأيوسًا من برئه، فيكون بمنزلة الزمن. . قاله المصنف وغيره".
أما مذهب الشافعية، فالمشهور عند الشافعي جواز قتل الزَّمن، فالمريض الذي يُرْجى شفاؤه، والمجنون الذي يفيق، فقتله آكد.
يُنظر: "فتح الوهاب" لزكريا الأنصاري (٢/ ٢١٠) حيث قال: "وجاز قتال صبي ومجنون، ومَنْ به رق، وأنثى وخنثى قاتلوا، فإن لم يقاتلوا حَرُمَ قتلهم للنهي في خَبَر "الصحيحين" عن قتل النساء والصبيان، وإلحاق المجنون ومَنْ به رق، والخنثى بهما، وعلى هذا يُحْمل إطلاق الأصل حرمة قتلهم وكالقتال السب للإسلام أو المسلمين، وذكر من به رق من زيادتي، وجاز قتل غيرهم ولو راهبًا وأجيرًا وشيخًا وأعمى وزمنًا وإنْ لم يكن فيهم قتالٌ، ولا رأيٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>