للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنار، فعامة العلماء يَرَون التحريق، وأنه لا يُلْجأ إليه إلا عند الضرورة والحاجة، والحاجة -كما هو معلوم في قواعد الفقه- تنزل منزلة الضرورة، فعند الضرورة يحصل ذلك إن أمكنَ الظفر بالعدوِّ.

* قوله: (فَكَرِهَ قَوْمٌ تَحْرِيقَهُمْ بِالنَّارِ، وَرَمْيَهُمْ بِهَا، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ (١)، وَيُرْوَى عَنْ مَالِكٍ (٢)، وَأَجَازَ ذَلِكَ سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ (٣)، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِن ابْتَدَأَ العَدُوَّ بِذَلِكَ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا) (٤).


= كَتَب إلى أبي بكرٍ الصديق -رضي اللَّه عنهما- في خلافته يذكر له أنه وجد رجلًا في بعض نواحي العرب ينكح كما تنكح المرأة، وأن أبا بكرٍ -رضي اللَّه عنه- جمع الناس من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فسألهم عن ذلك، فكان من أشدهم يومئذٍ قولًا علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- قال: إن هذا ذنب لم تعص به أمة من الأمم إلا أمة واحدة، صنع اللَّه بها ما قد علمتم، نرى أن نحرقه بالنار، فاجتمع رأي أَصْحَاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على أن يحرقه بالنار، فكتَب أبو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- إلى خالد بن الوليد يأمره أن يحرقه بالنار.
(١) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٤/ ٢٦) حيث قال: "واختلفوا في رمي أهل الشرك بالنار، فكره ذلك عمر بن الخطاب؛ لأنه حرق خالد بن الوليد ناسًا من أهل الردة، فقال عمر لأبي بكر: انزع هذا الذي يُعذب بعذاب اللَّه".
(٢) يُنظر: "المدونة" لسحنون (١/ ٥١٣) حيث قال: "قلت لابن القاسم: أرأيت لو كان في الحصن الذي حصره أهل الإسلام ذراري المشركين ونساؤهم، وليس فيهم من أهل الإسلام أحدٌ، ترى أن ترسل عليه النار فيحرق الحصن وما فيه أو يغرقوه؟ قال: لا أقوم على حفظه، وأكره هذا، ولا يعجبني.
قلت: أليس قد أخبرتني أن مالكًا قال: لا بأس أن تحرق حصونهم ويغرقوا، قال: إنما ذلك إذا كانت خاويةً ليس فيها ذراري، وذلك جائز، وإن كان فيها الرجال المقاتلة فأحرقوهم؟ قال: لا بأس بذلك". وانظر: "الشرح الكبير" للدردير و"حاشية الدسوقي" (٢/ ١٧٧).
(٣) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٤/ ٢٧) حيث قال: "وكان الثوريُّ يقول: وإذا حاصرت أهل حصن، فلا بأس أن يرموا بالمناجيق والنار"، وانظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٢٦).
(٤) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٤/ ٢٧) حيث قال: "قلت: في البحر يرمون بالنيران. قال: إن بدؤوهم فلا بأس".

<<  <  ج: ص:  >  >>