للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعذِّب بالنار إنما هو رب النار اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، كما قال اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (٢٩) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠)} [إبراهيم: ٢٨ - ٣٠].

والآيات في ذلك كثيرة، وأحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كذلك، وقد ورد في ذلك عدة أحاديث، أورد المؤلف منها حديث حمزة السلمي الذي جاء فيه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- طلب منه: إنْ وجدت فلانًا فأحرقه بالنار، فلما ولَّى قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- له: "إني قلت: إن وجدت فلانًا فأحرقه بالنار، فإن وجدت فلانًا فاقتله؛ فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار"، والحديث أخرجه أبو داود (١)، وغيره (٢) بإسناد صحيح.

وورد في "صحيح البخاري"، وغيره من حديث أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: بعث بعثةً -أي: أرسل رسلًا- وأمرهم إن وجدتم فلانًا وفلانًا من قريش، فأحرقوهما بالنار، ثم أمرهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال لهم: "إن وجدتم فلانًا وفلانًا، فاقتلوهما؛ فإنه لا يعذب بالنار إلا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ" (٣).

فهذه أحاديث صحيحة دلت على أنه لا يجوز التعذيب بالنار، لكن لو فعل الكفار ذلك، أيقابلهم المسلمون؟ هذا يرجع إليهم بالنظر إلى الضرورة، وقد جاء في الأثر عن أبي بكر أنه أذن لخالد بن الوليد أن يحرق بالنار (٤)، وقيل: إنه فعل ذلك، لكن اتفق العلماء إلى أنه لا يُحرَّق


(١) حديث (٢٦٧٣)، وصححه الأَلْبَانيُّ في (صحيح أبي داود) (١/ ٢).
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٦٠٣٤)، وغيره، وصححه الأرناؤوط.
(٣) أخرجه البخاري (٣٠١٦)، والترمذي (١٥٧١)، وأحمد في "مسنده" (٨٤٦١) عن أبي هُرَيرة -رضي اللَّه عنه- أنه قال: بعثنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بعث، فقال: "إِنْ وَجدتُمْ فلانًا وفلانًا، فأحرقوهما بالنار"، ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين أردنا الخروج: "إني أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا، وإن النار لا يُعذِّب بها إلا اللَّه، فإن وجدتموهما فاقتلوهما".
(٤) أخرجه البيهقي في (الكبرى) (٨/ ٤٠٥)، عَنْ صفوان بن سليم أن خالد بن الوليد =

<<  <  ج: ص:  >  >>