للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفضل، فما كان منهم إلا أن قتلوا الراعي ومثَّلوا به، فأرسل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في طلبهم، فلحق بهم ثُمَّ مثَّل بهم إلى أن ماتوا عقوبةً لهم بنفس النوع الذي مثَّلوا به الراعي (١).

وقد جاء في ذلك ما يزيد على عشرين حديثًا، كلها جاء فيها النهي عن المُثْلة، كأن يفقأ عينه، أو شفته، أو شيء مما يشوِّه شكل هذا الإنسان، فيحافظ اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- على هذه الصور الحسنة، وهذا تبديلٌ لخَلْق اللَّه، واللَّه تعالى يقول: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠].

فلَا تَجُوز المُثلة، ولذلك اتفق على تحريمها (٢)، ومراد المؤلف أنه إذا ظفر المسلمون بأعدائهم، فإنهم لا يُمثِّلون بهم.

* قوله: (وَاتَّفَقَ المُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ قَتْلِهِمْ بِالسِّلَاحِ) (٣).

أما بالسلاح، فذلك مطلوب في وقت الحرب؛ سواء كانت الحرب قائمةً أو بعد أن تضع الحرب أوزارها، وقد تقدَّم الكلام بالنسبة للأسرى واختلاف العلماء فيه، وأما الإمام -كما عرفنا- فهو مخيَّر فيهم بين أمورٍ عدا النساء والصبيان، فإنهم لا يقتلون.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي تَحْرِيقِهِمْ بِالنَّارِ).

هذه مسألة قد ورد فيها عدة أحاديث، وكما هو معلوم الذي


(١) أخرجه البخاري (٢٣٣)، ومسلم (١٦٧١)، عن أنس بن مالك قال: قدم أناسٌ من عكل أو عرينة، فاجتووا المدينة، فأمرهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بلقاح، وأن يشربوا من أبوالها وألبانها، فانطلقوا، فلما صحوا، قتلوا راعي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، واستاقوا النعم، فجاء الخبر في أول النهار، فبعث في آثارهم، فلما ارتفع النهار جيء بهم، فأمر فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمرت أعينهم، وألقوا في الحرة، يستسقون فلا يسقون.
(٢) نقل الإجماع على كراهة المُثْلة النووي -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
يُنظر: "شرح النووي على مسلم" للنووي (٢/ ٣٧)، حيث قال: "وفي هذه الكلمات من الحديث فوائد مجمع عليها، وهي تحريم الغدر، وتحريم الغلول، وتحريم قتل الصبيان إذا لم يقاتلوا، وكراهة المُثْلة".
(٣) سبق بيان ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>