للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَمَنْ لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ إِلَيْهِ كَالفَلَّاحِ وَالعَسِيفِ).

فالفلاح متفرغ لفلاحته، مشغول بمزرعته، والعسيف وهو الأجير مشغول بأعمال سيده، متفرغ لها، منفرد إليها، فهو أيضًا زاهد وبعيد عن القتال، فهل يقاتل؟ نعم، إن أعدَّ نفسه للقتال وكان من المقاتلين ألحق بهم، وإلا فلا على القول الغالب.

* قوله: (وَصَحَّ النَّهْيُ عَنِ المُثْلَةِ (١)) (٢).

هذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا، ونعلم قصة العرنيين الذين جاؤوا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد ألمَّ بهم مرض، فأرسلهم إلى إبل الصدقة، فشربوا من أبوالها وألبانها ثم شفوا، ثم تنكروا لذلك المعروف، وتنكروا ذلك


= تنبيه: يُسْتثنَى من ذلك مسائل:
الأولى: إذا لم يجد المضطر سواهم، فله قتلهم وأكلهم على الأصح في زيادة "الروضة" من كتاب الأطعمة.
الثانية: إذا قاتلوا يجوز قتلهم، وقد استثناها في "المحرر".
الثالثة: حال الضرورة عند تَتَرُّس الكفار بهم كما سيأتي.
الرابعة: إذا كانت النساء من قوم ليس لهم كتاب كالدهرية، وعبدة الأوثان، وامتنعن من الإسلام.
قال الماوردي: فيقتلن عند الشافعي رضي اللَّه تعالى عنه.
الخامسة: إذا سب الخنثى أو المرأة الإسلامَ أو المسلمين لظهور الفساد".
ومَذْهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٧/ ٥٤، ٥٥) حيث قال: "إلا أن يقاتلوا، فَيَجُوز قتلهم بغير خلاف؛ لأنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قتل يوم قريظة امرأة ألقت رحى على محمود بن سلمة، وَرَوى ابن عباس أن النبي مر على امرأة مقتولة يوم الخندق، فقال: من قتل هذه؟ فقال رجل أنا، نازعتني قائم سيفي فسكت، أو يحرضوا عليه أي: على القتال، فإن حرض أحدٌ منهم جاز قتله، فإن تحريض النساء والذرية أبلغ من مباشرتهم القتال بأنفسهم".
(١) "مَثَلَ به يَمْثُلُ مَثْلًا"؛ أي: نكل به. والاسم: المُثْلَةُ بالضم. انظر: "الصحاح" للجوهري (٥/ ١٨١٦).
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٧٤) عن عدي بن ثابت، سمعت عبد اللَّه بن يزيد الأنصاري -وهو جده أبو أمه- قال: "نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن النُّهْبى والمُثْلة".

<<  <  ج: ص:  >  >>