للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواية للشافعية) (١)، والحنابلة على أنها تزال غيظًا بهم (٢)، والبقية تقول: لا تزال.

والحقيقة أنَّ هذه متروكة للمؤمنين، يفعلون ما يرون فيه مصلحة، فإن كان العدوُّ يعامل المسلمين معاملةً سيئةً، فَعَلى المسلمين أن يعاملوا أيضًا العدو بذلك، وقَدْ لا يُفْعل ذلك مع المؤمنين، فلو فعلوا ذلك، عاملوهم بالمثل، فإنه في هذه الحالة قد تُزَال.

إذًا، هذه قضايا اجتهادية، يجتهد فيها قائد الجيش أو المسؤول عنه للمصلحة.

* قوله: (فَأَجَازَ مَالِكٌ قَطْعَ الشَّجَرَةِ وَالثِّمَارِ).

وَمَعَه أَبو حَنيفَة في هذه المسألة؛ فإنَّ ذلك يؤدي إلى غيظ الكفار في مثل هذه الأمور؛ لأن الكفارَ إذا رأوا أن أشجارهم تُقْطع، وَنَخيلهم يحرق، وَمَزارعهم تغرق؛ فَهَذا يَجْعل الخوفَ يدبُّ إلى نفوسهم، والرعب والفزع مما يضعف نفوسهم، ويقوي مكانة المؤمنين.

وَيَقُولُ بعضهم: نحن ننظر إلى المصلحة، فإن كانت هذه المصلحة للمؤمنين، وفائدة لهم، فلا ينبغي أن نفعل ذلك، وإن كان فيه مصلحة للكفار، فينبغي أن نزيلها، وإن كانت لا تلك ولا تلك، فهذه اختلفوا فيها أيضًا.


(١) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٤/ ١٨٤) حيث قال: "وهو كما ذكر يجوز أن يقطع على أهل الحرب نخلهم وشجرهم، ويستهلك عليهم زرعهم وثمرهم إذا علم أنه يفضي إلى الظفر بهم".
(٢) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٦٢٣) حيث قال: " (ولا) يجوز (إتلاف شجر، أو زرع يضر) إتلافه (بنا)؛ لأنه إضرارٌ بالمسلمين، فإن لم يضر بنا، أو لم نقدر عليهم إلا به كقريب من حصونهم يمنع قتالهم أو يستترون به، أو يحتاج إلى قطعه لتوسعة طريق، أو كانوا يفعلونه بنا، جاز قطعه".

<<  <  ج: ص:  >  >>