للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلك البيوت وتلك الحصون؟ وهل تقطع تلك الأشجار؟ هذه فيها كلامٌ مفصلٌ للعلماء.

* قوله: (وَذَلِكَ فِي المَبَانِي وَالحَيَوَان وَالنَّبَاتِ، فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَأَجَازَ مَالِكٌ قَطْعَ الشَّجَرَةِ وَالثِّمَارِ) (١).

أمَّا بالنِّسبة للشجر، ففيه تفصيلٌ؛ لأن تلك الأشجار لا تخلو من واحد من ثلاثة أُمور:

١ - هذه الأشجار قد تكون مفيدةً في الظل، وربما تحمل ثمرًا، فهذه الأشجار إذا كان العدو يتترس بها، أو يستظل بها، أو يبني بها حصونه التي يقيم بها، أو أنه وضَعها بمثابة خط دفاعٍ، أو أنها تسدُّ الطريق على المؤمنين؛ فإنه في هذه الحالة تُزَال.

٢ - أما إذَا كانت هذه الأشجار فيها مصلحةٌ للمؤمنين بأن يستظلوا مكانًا ليقيموا تحته، وفيها من الثمر الذي يحتاجون إليه في أكلهم، وفيها ما ترعى أغنامهم، ففي هذه الحالة لا تقطع، ولا يتعدى عليها.

٣ - أما إذا لم يحتج المسلمون إليها، ولم يكن يتترس بها الكفار، فوقع الخلاف بين العلماء، فأكثر العلماء على أنها تُزَال غيظًا للكفار، وكيدًا لهم، ومن العلماء من قال: لا تزال، وهم أكثر العلماء (كالحنفية (٢)، والمالكية (٣)،


(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير، و"حاشية الدسوقي" (٢/ ١٨٠) حيث قال: " (و) جاز بمعنى أذن للإمام (ببلدهم إقامة الحد)، إذ هو واجب (و) جاز (تخريب) لديارهم (وقطع نخل وحرق) لزرعهم وأشجارهم".
(٢) يُنظر: "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (٥/ ٤٤٧) حيث قال: "لأن المقصود كبت أعداء اللَّه، وكسر شوكتهم، وبذلك يحصل ذلك، فيفعلون ما يمكنهم من التحريق، وقطع الأشجار، وإفساد الزرع، هذا إذا لم يغلب على الظن أنهم مأخوذون بغير ذلك، فإن كان الظاهر أنهم مغلوبون، وأن الفتح باد، كره ذلك؛ لأنه إفساد في غير محل الحاجة، وما أبيح إلا لها".
(٣) تقدَّم قولهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>