للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحصون والمزارع مكانًا لهم، وحصنًا يتترسون بها؛ فإنها تُزَال، أما إذا لم يكن كذلك، وفيها مصلحة للمؤمنين، فلا.

* قوله: (وَكَرِهَ تَخْرِيبَ البُيُوتِ، وَقَطْعَ الشَّجَرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَعَاقِلَ).

كره إذا لم تكن لهم معاقل؛ لأنه في النهاية قد يَفْتح المسلمون هذه البلاد، وهذا قد حصل، فإن الإسلام بدَأ بمكَّة، ونعلم ما جَرى لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من قومه، فحقرهم في بني عامر، واستعملوا معه كل أنواع الأذى حتى وهو يصلي (١)، وأخرجوه من مكة، فخرج إلى الطائف -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورمي بالحجارة، وعاد ولم يدخلها إلا بحمايةٍ (٢).

ثمَّ بعد ذلك هاجر عددٌ من المسلمين إلى الحبشة، ثم أذن اللَّه تعالى لرسوله وللمؤمنين بالهجرة إلى المدينة، هذه البلاد الطيبة، ورأينا أن الإسلام بدأ يشع نوره ويمتد وينتشر حتى شمل أنحاء العالم، تُسْمع فيها كلمة: "اللَّه أكبر"، وتُسْمع فيها كلمة: "لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه".

إذًا، الإسلام انتشر في كل مكان، ومن هنا رأينا أن عمر بن


(١) أخرجه البخاري (٣١٨٥)، ومسلم (١٧٩٤) عن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-، قال: بينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ساجد، وحوله ناس من قريش من المشركين، إذ جاء عقبة بن أبي معيط بسلا جزورٍ، فقذفه على ظهر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم يرفع رأسه حتى جاءت فاطمة عليها السلام، فأخذت من ظهره، ودعت على مَنْ صنع ذلك، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهم عليك الملأ من قريش، اللهم عليك أبا جهل ابن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وعقبة بن أبي معيط، وأمية بن خلف"، أو "أبي بن خلف"، فلقد رأيتهم قتلوا يوم بدرٍ، فألقوا في بئر غير أمية، أو أبي، فإنه كان رجلًا ضخمًا، فلما جروه، تقطعت أوصاله قبل أن يلقى في البئر.
(٢) يُنظر: "الإشارة إلى سيرة المصطفى" لمغلطاي (ص ١٣٣، ١٣٤) حيث قال: "ثم خرج إلى الطائف بعد موت خديجة بثلاثة أشهر، في ليالٍ بقين من شوَّال سنة عشر، ومعه زيد بن حارثة، فأقام به شهرًا يدعوهم إلى اللَّه تعالى، فلم يجيبوه، وأغروا به سفهاءهم، فجعلوا يرمونه بالحجارة، حتى إن رجليه لتدميان، وزيد يقيه بنفسه، حتى لقد شجَّ في رأسه، ثم رجع في جوار المطعم بن عدي، ولم يستجب له إنسان".

<<  <  ج: ص:  >  >>