للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد العزيز -رضي اللَّه عنه- بحصافته وبرجاحة عقله وبعد الته، ولكَوْنه خامس الخلفاء الراشدين، لما رأى -رضي اللَّه عنه- أن المسلمين قد توسعوا في الفتوح، وأنه بدأت تنتشر شرقًا وغربًا، فقرر أن تنشر الدعوة أولًا، وألا يتوقف المؤمنون حتى يغرسوا عقيدة التوحيد في نفوس الَّذين فتحوا بلادهم وأوكارهم حتى يكونوا هم حَمَلة راية الإسلام أي: المدافعين عنها، وحصل ذلك، فبعد وَفَاة رَسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما حَصل في عهد بعض الخلفاء من الفتن، وأن هذه الفتن قد امتدت، وفي العصر العباسي وُجِدَ أناسٌ وفرق ينتسبون إلى الإسلام أخذوا يحاربون المشركين، وأخذوا يقيمون ثغراتٍ في قلب الدولة الإسلامية، وبدأ ينصرف المسلمون للفتح ونشر عقيدة التوحيد والجهاد في سبيل اللَّه، وحقيقةً أقاموا ثغراتٍ في الأمة الإسلامية، فَنَصر اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- المؤمنين عليهم وانتهوا، وهؤلاء يظهرون في كل من الأوقات.

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ مُخَالَفَةُ فِعْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ).

لا نقول: "مخالفة أبي بكرٍ لفعل رسول اللَّه"، حاشا أبا بكرٍ أن يخالف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو مَنْ هو دونهما من المؤمنين {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦].

وقال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩].

هذا هو مذهب الصحابة، وأبو بكرٍ لو وُزِنَ إيمانه رجح (١)، وهو الذي كان الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول عنه: "شدُّوا عليَّ هذه الخرق، فإنها خرق أبي بكر" (٢)، وكان يقول: "لو كنت متخذًا خليلًا، لاتخذت أبا بكرٍ خليلًا" (٣).


(١) أخرجه أحمد في (فضائل الصحابة) (١/ ٤١٨) عن هزيل بن شرحبيل الأودي قال: سَمعتُ عُمَر بن الخطاب يقول: "لو وُزِنَ إيمان أبي بكرٍ بإيمان أهل الأرض لرجح بهم".
(٢) لم أقف عليه.
(٣) أخرجه البخاري (٤٦٦)، ومسلم (٢٣٨٢) عن أبي سعيدٍ، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جلس =

<<  <  ج: ص:  >  >>