للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالخليفة أبو بكرٍ -رضي اللَّه عنه- لا يخالف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يمكن أن يدور ذلك في نفسه أو في خاطره؛ إنما فعل أبو بكرٍ -رضي اللَّه عنه- ذلك وكان له رأيه، وله وجهته، فرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل ذلك للمصلحة، بل اليهود عمومًا نعلم ما حصل منهم من خياناتٍ، وما فعل بنو النضير عندما طوق أعداء الإسلام يوم غزوة الأحزاب (١)، إذًا هؤلاء خانوا العقود ونقضوها، فما كان إلا أن يؤدبوا غاية التأديب.

* قوله: (ذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ) (٢).


= على المنبر فقال: "عبد خيَّره اللَّه بين أن يؤتيه زهرة الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده"، فبكى أبو بكر وبكى، فقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، قال: فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو المخيَّر، وكان أبو بكر أعلمنا به، وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أمنَّ الناس عليَّ في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن أخوة الإسلام، لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر".
(١) أخرجه أبو داود (٣٠٠٤)، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن رجلٍ من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أن كفار قريش كتبوا إلى ابن أبي، ومَنْ كان يعبد معه الأوثان من الأوس والخزرج، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يومئذٍ بالمدينة قبل وقعة بدرٍ: إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم باللَّه لتقاتلنَّه، أو لتخرجنَّه، أو لنسيرن إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم، فلما بلغ ذلك عبد اللَّه بن أبي ومَنْ كان معه من عَبدَة الأوثان، اجتمعوا لقتال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما بلغ ذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لقيهم، فقال: "لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم، وإخوانكم"، فلما سمعوا ذلك من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تفرقوا، فبلغ ذلك كفار قريش، فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدرٍ إلى اليهود: إنكم أهل الحلقة والحصون، وإنكم لتقاتلن صاحبنا، أو لنفعلن كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء، وهي الخلاخيل، فلما بلغ كتابهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أجمعت بنو النضير بالغدر، فأرسلوا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أخرج إلينا في ثلاثين رجلًا من أصحابك، وليخرج منا ثلاثون حبرًا، حتى نلتقي بمكان المنصف فيسمعوا منك، فإن صدقوك وآمنوا بك، آمنا بك، فقص خبرهم، فلما كان الغد، غَدَا عليهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالكتائب فحصرهم. . . ". وقال الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" (١/ ٢): صحيح الإسناد.
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٢٦)، ومسلم (١٧٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>