للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين خَرَج رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى خيبر، أتاها ليلًا، وكان إذا جاء قومًا بليل لم يغز حتى يصبح، قال: فلمَّا أصبح خرجت يهود خيبر بمساحيها ومكاتلها، فلمَّا رأوه قالوا: محمد واللَّه والخميس، ففال رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّه أَكْبَر، خربت خيبر" (١)؛ فأولئك قومٌ خانوا المؤمنين، وغدروا بهم، وتواطؤوا مع أعداء المؤمنين، وأن أولئك ممن ذهبوا إلى قريش وحَرَّضوهم على القتال ضد المؤمنين، فرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أدَّبهم؛ لكنه ما حرق ذلك.

* قوله: (وَثَبَتَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ: "لَا تَقْطَعَنَّ شَجَرًا، وَلَا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا" (٢)، فَمَنْ ظَنَّ أَنَّ فِعْلَ أَبِي بَكْرٍ هَذَا إِنَّمَا كَانَ لِمَكَانِ عِلْمِهِ بِنَسْخِ ذَلِكَ الفِعْلِ مِنْهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-).

هَذَا هو الأَوْلَى من أن نقول: مخالفة أبي بكر لفعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أما أبو بكر فهو أعلم منا بما كان يفعله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه حضر التنزيلَ وَشَاهده، قال تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: ٤٠]، وهو الملازم لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.


(١) أخرجه البخاري (٤١٩٨)، ومسلم (٣٦٥/ ٨٧) عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: صبحنا خيبر بكرة، فخرج أهلها بالمساحي، فلما بصروا بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قالوا: محمد واللَّه، محمد والخميس، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّه أكبر، خربت خيبر، إنَّا إذا نزلنا بساحة قوم {فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ} [الصافات: ١٧٧] "، فأصبنا من لحوم الحمر، فنادى منادي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر، فإنها رجس".
(٢) أخرجه مالك في (الموطإ) (٢/ ٤٤٧)، عَنْ يحيى بن سعيد، أن أبا بكرٍ الصديق بَعَث جيوشًا إلى الشام، فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان، وَكَان أميرَ ربعٍ من تلك الأرباع، فزعموا أن يزيد قال لأبي بكرٍ: إما أن تركب، وإما أن أنزل، فقال أبو بكرٍ: "ما أنت بِنَازلٍ، وما أنا بِرَاكبٍ، إني أحتسب خطاي هذه في سبيل اللَّه"، ثمَّ قال له: "إنك ستجد قومًا زعموا أنهم حبسوا أنفسهم للَّه، فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له، وستجد قومًا فحصوا عن أوساط رؤوسهم من الشعر، فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف"، وإني موصيك بعشر: "لا تقتلن امرأة، ولا صبيًّا، ولا كبيرًا هرمًا، ولا تقطعن شجرًا مثمرًا، ولا تخربن عامرًا، ولا تعقرن شاةً، ولا بعيرًا إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلًا، ولا تغرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن".

<<  <  ج: ص:  >  >>