للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إن اللَّه كتب الإحسان في كل شيءٍ، فإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وليحد أحدكم شفرته، وليرحْ ذبيحته" (١).

فَهَذا هو مَنهجُ الإسلَام، قائم على الرحمة والعدل، وعلى العطف والمساواة بين المؤمنين في أمورهم، فلا فضل لأحدٍ على أحدٍ إلا بالتقوى، هذه هي غاية الإسلام، وأيضًا بيَّن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه "في كل ذات كبد رطبة أجر" (٢).

وهذه المرأة البغي لما شربت، فوجدت كلبًا يلهث، فجلبت الماء بخُفَّيها، فَسَقمت ذلك الحيوان، فغفر اللَّه لها (٣).

إن اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- رفيقٌ بعباده، يَتجَاوز عن سيئاتهم، قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤]، هَذَا هو الإسلام.

وهذه امرأةٌ دَخَلت النارَ في هرة حبستها، لا هى أطعمتها، ولا تَرَكتها تأكل من خَشَاش الأرض (٤).

فَمَنْ كان عنده حيوانات، وكان لا يقوم بالإنفاق عليها كإطعامها وسقيها؛ فإنه بذلك يُلْزَم بهذا الأمر؛ لأن في ذلك إضرارًا بها، ومَنْ كان عنده عبيد لا يقوم على شؤونهم؛ فإنه في تلك الحالة أيضًا يُلْزم بذلك


(١) أخرجه مسلم (١٩٥٥).
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٦٣)، ومسلم (٢٢٤٤)، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "بينا رجل يمشي، فاشتد عليه العطش، فنزل بئرًا، فشرب منها، ثمَّ خرج، فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بَلَغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خُفَّه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقى، فسقى الكلب، فشكر اللَّه له، فغفر له"، قالوا: يا رسول اللَّه، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: "في كل كبد رطبة أجر".
(٣) أخرجه البخاري (٣٤٦٧)، ومسلم (٢٢٤٥)، عَنْ أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بينما كلب يطيف بركية، كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها فسقته، فغفر لها به".
(٤) أخرجه البخاري (٣٣١٨)، ومسلم (٢٢٤٢) عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض".

<<  <  ج: ص:  >  >>