للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحصل بقدر اللَّه، ولذلك لما احتج أولئك الذين يقولون بأنا علينا أن نتوكَّل، وأنَّ ذلك قدَر اللَّه! فهذا قدَر اللَّه، فنحن رَجَعنا إلى قدر اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

إذًا، الصحيح أن ما فعله أبو بكرٍ لا يخالف سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل كما أخبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اقتدوا باللَّذينِ من بعدي؛ أبي بكر وعمر" (١)، وقال: "عليكم بسُنَّتي وسنة الخلفاء الراشدين، عَضوا عليها بالنواجذ" (٢).

* قوله: (قَالَ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَمَنِ اعْتَمَدَ فِعْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَلَمْ يَرَ قَوْلَ أَحَدٍ وَلَا فِعْلَهُ حُجَّةً عَلَيْهِ - قَالَ بِتَحْرِيقِ الشَّجَرِ).

المسألة كما سبق: إنْ أمكن عدم التحريق فبها ونعمت، أما إن كان هناك موضعٌ يجعلونه ساترًا لهم، أو يستغلونه، أو يحافظون بهذه الأشياء على حقولهم؛ فإنها تُزَالُ ولا تحرق إذا كان فيها مصلحةٌ للمؤمنين، فإن رأى الإمام مصلحةً وأن الحاجة تقتضي فيها إغاظة الكافرين وتخويفهم؛ فإنه يفعل ذلك، ومن رأى المصلحة ألا يفعل ذلك؛ فله أن يترك هذا.

* قوله: (وإنَّمَا فَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ الحَيَوَانِ وَالشَّجَرِ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الحَيَوَانِ مُثْلَةٌ، وَقَدْ نُهِيَ عَنِ المُثْلَةِ، وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنَّهُ قَتَلَ حَيَوَانًا، فَهَذَا هُوَ مَعْرِفَةُ النِّكَايَةِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تَبْلُغَ مِنَ الكُفَّارِ فِي نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ).

نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قتل الحيوان، إذ جاء في الحديث الصحيح:


(١) أخرجه الترمذي (٣٦٦٢)، وصححه الأَلْبَانيُّ في (صحيح الترمذي) (٨/ ١٦٢).
(٢) أخرجه أبو داود (٤٦٠٧) عن العرباض قال: صلى بنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذات يومٍ، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظةً بليغةً ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول اللَّه، كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال "أوصيكم بتقوى اللَّه، والسمع والطاعة، وإن عبدًا حبشيًّا، فإنه مَنْ يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأُمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة"، وصححه الأَلْبَانيُّ في (الإرواء) (٢٤٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>