للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسأل الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، فأخبروه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطاها السدس (١)، فأعطاها.

هذا هو منهج الصحابة، وعمر -رضي اللَّه عنه- سار على ذلك أيضًا، ففي قصة الطاعون عندما انتشر في الشام، وحصل خلاف، وانتهى الأمر إلى أن عمر -رضي اللَّه عنه- قال: "إن كنت فيها فلا تخرج منها" (٢)، وإن العدوى هي التي


(١) أخرجه أبو داود (٢٨٩٤) عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق تسأله ميرأثها؟ فقال: ما لك في كتاب اللَّه تعالى شيءٌ، وما علمتُ لك في سُنَّة نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا، فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: "حضرت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطاها السدس"، فقال أبو بكر: هل معكَ غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة، فقال مثل ما قال المغيرة بن شعبة، فأنفذه لها أبو بكر، ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- تسأله ميراثها، فقال: "ما لك في كتاب اللَّه تعالى شيء، وما كان القضاء الذي قضي به إلا لغيرك، وما أنا بزائد في الفرائض، ولكن هو ذلك السدس، فإن اجتمعتما فيه فهو بينكما، وأيتكما خلت به فهو لها"، وضعفه الأَلْبَانيُّ في (ضعيف أبي داود) (٢/ ٣٩٣، ٣٩٤).
(٢) أخرجه البخاري (٥٧٢٩)، ومسلم (٢٢١٩)، عن عبد اللَّه بن عباس: أَنَّ عمرَ بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- خرج إلى الشام، حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد: أبو عبيدة ابن الجراح وأصحابه، فأَخْبَروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام. قال ابن عباس: فقال عمر: ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا، فقال بعضهم: قد خرجت لأمرٍ، ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادعوا لي الأنصار، فدعوتهم فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعوتهم، فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس، ولا تقدمهم على هذا الوباء، فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر، فأصبحوا عليه. قال أبو عبيدة بن الجراح: أفرارًا من قدر اللَّه؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة؟ نعم، نفر من قدر اللَّه إلى قدر اللَّه. . . قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف -وكان متغيبًا في بعض حاجته- فقال: إن عندي في هذا علمًا، سَمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذَا سَمعتم به بأرضٍ، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارًا منه"، قال: فحمد اللَّه عمر ثم انصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>