للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الذي عرض له المؤلف رَحِمه الله قبل، وهذا هو قول الأئمة، وغيرهم؛ أن العبرة بالعدد.

أما القوة: فتختلف من شخص إلى آخر؛ فقد تجد شخصًا قويًّا، ولكن ليس عنده شجاعة!، وربما تجد إنسانًا ضعيفًا في بدنه؛ لكن لديه من الشجاعة والمغامرة وقوة اليقين ما ليس عند غيره.

قوله: (وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَفِرَّ الوَاحِدُ عَنْ وَاحِدٍ إِذَا كَانَ أَعْتَقَ جَوَادًا مِنْه، وَأَجْوَدَ سِلَاحًا، وَأَشَدَّ قُوَّةً).

نلفت النظر هنا لقصة أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه -، وقد ذكروها في كتب الفقه، فقد كان يومًا وهو على المنبر يخطب في الناس ويعظهم، وكان الناس يستمعون إليه، فنادى بأعلى صوته: يا سارية الجبل!، فاستغرب الذين كانوا يستمعون إلى خطبة وموعظة عمر - رضي الله عنه - من قوله هذا وأنكروه، فلما نزل - رضي الله عنه - من خطبته سألوه، فبيَّن لهم أن جيشًا للمسلمين بقيادة سارية، يحارب في جزيرة، فأراد عمر - رضي الله عنه - أن ينحاز سارية بمَن معه من المقاتلين إلى الجبل.

ولمَّا عاد سارية بالجيش، وسأله الناس أخبرهم بأنه سمع صوت عمر - رضي الله عنه -، وأطاعه، وكان بذلك النصر للمسلمين على أعدائهم (١).

فهذا الموقف الذي نُقل عن عمر - رضي الله عنه -؛ يدلُّ على إرادة الله سُبْحانه وتعالى؛ فهو الذي بلغ صوته من المدينة إلى سارية في تلك الجزيرة النائية!، وهذا من كرامات (٢)


(١) أخرجه الآجري في "الشريعة" (٤/ ١٨٨٨) عن ابن عمر: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - "بعث جيشًا وأمر عليهم رجلًا يدعى سارية قال: فبينما عمر بن الخطاب يخطب الناس يومًا فجعل يصيح وهو على المنبر: يا ساري الجبل يا ساري الجبل. مرتين، فقدم رسول الجيش فسأله؛ فقال: يا أمير المؤمنين لقينا عدونا، فهزمونا، فإذا بصائح يصيح: يا ساري الجبل يا ساري الجبل، فأسندنا ظهورنا بالجبل؛ فهزمهم الله عزَّ وجلَّ فقيل لعمر: إنك كنت تصيح بذلك.
(٢) "الكرامة": أمر خارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوة ولا هو مقدمة، يظهر على يد عبد ظاهر الصلاح، ملتزم لمتابعة نبي كلف بشريعته مصحوب بصحيح الاعتقاد =

<<  <  ج: ص:  >  >>