للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى هذا يكون النومُ الكثيرُ ناقضًا مطلقًا، والنومُ اليسيرُ ناقضًا أيضًا إلا من قائمٍ أو قاعدٍ، واليسيرُ يُرْجع فيه إلى العرف.

قوله: (المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي الجَابِ الوُضُوءِ مِنْ لَمْسِ النِّسَاءِ بِاليَدِ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَعْضَاءِ الحَسَّاسَةِ).

وَقَوْله: "النِّسَاءِ"؛ يَعْني: المرأة البالغة، ولكن البُلُوغ هنا ليس بشَرْطٍ، لكن قيَّده بعض العُلَماء ببلوغ سبع سنين، سواء من اللامس أم الملموس، وفيه نظرٌ؛ لأنَّ الغالب فيمَنْ كان له سبع سنوات أنه لا يدري عن هذه الأمور شيئًا؛ ولهذا قيَّده بعض العلماء بمَنْ يطأ مثله، ومن توطأ مثلها؛ أي: تشتهى، والذي يطأ مثله من الرجال هو مَنْ له عشر سنواتٍ، والتي توطأ مثلها من النساء هي مَنْ تمَّ لها تسع سنوات، فَعَلى هذا يكون الحكم معلقًا بمَنْ هو محل الشهوة، وهذا أصح؛ لأن الحكم إذا علق على وصفٍ، فلا بد أن يوجد محلّ قابل لهذا الوصف.

قوله: (فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَنْ لَمَسَ امْرَأَةً بِيَدِهِ مُفْضِيًا إِلَيْهَا لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حِجَابٌ وَلَا سِتْرٌ، فَعَلَيْهِ الوُضُوءُ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَبَّلَهَا؛ لِأَنَّ القُبْلَةَ عِنْدَهُمْ لَمْسٌ مَا، سَوَاءٌ التَذَّ أَمْ لَمْ يَلْتَذَّ، وَبِهَذَا القَوْلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ (١)، إِلَّا أَنَّهُ مَرَّةً فَرَّقَ بَيْنَ اللَّامِسِ وَالمَلْمُوسِ، فَأَوْجَبَ الوُضُوءَ


(١) يُنظر: "الأم" للشافعي (١/ ٢٩)؛ حيث قال: " (فذكر الله - عز وجل - الوضوء على مَنْ قام إلى الصلاة، وأشبه أن يكون مَنْ قام من مضجع النوم، وذكر طهارة الجنب، ثم قال بعد ذكر طهارة الجنب: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: ٤٣]، فأشبه أن يكون أوجب الوضوء من الغائط، وأوجبه من الملامسة، وإنما ذكرها موصولة بالغائط بعد ذكر الجنابة، فأشبهت الملامسة أن تكون اللمس باليد، والقبلة غير الجنابة، أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد اللّه عن أبيه قال: قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة، فمَنْ قبَّل امرأته أو جسها بيده، فعليه الوضوء".

<<  <  ج: ص:  >  >>