وقد بيَّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسُنَّته كتاب اللّه تعالى، وأوضحه غاية الإيضاح.
وكان الصحابة - رضي الله عنهم - إذا تعلَّموا من كتاب الله تعالى عشر آيات، لا يتجاوزوهم حتى يتعلموا ما فيهن من العلم والعمل (١).
وتعلمهم هذا: يتلقوه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ من مشكاة النبوة.
قوله:(وَمَنْ رَأَى أَنَّ آيَةَ الصُّلْحِ مُخَصِّصَةٌ لِتِلْكَ، قَالَ: الصُّلْحُ جَائِزٌ؛ إِذَا رَأَى ذَلِكَ الإِمَام، وَعَضَّدَ تَأْوِيلَهُ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ - صلى الله عليه وسلم -؛ وَذَلِكَ أَنَّ صُلْحَهُ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الحُدَيْبِيَةِ لَمْ يَكُنْ لِمَوْضِعِ الضَّرُورَةِ).
نعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، خرج مع أصحابه - رضي الله عنهم -، من المدينة النبوية، قاصدين مكة المكرمة، فمنعتهم قريشٌ من دخولها، وصدَّتهم عن بيت الله الحرام!.
فلو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقي في المدينة: لما احتاج إلى هذا الصلح!. وعليه؛ فالرسول - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك من غير ضرورة؛ كما ذكر المؤلف رَحِمه الله هنا.
ولكن لا ينفي هذا: أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل هذا الصلح لحكمة، وقد خفيت هذه الحكمة على الصحابة - رضي الله عنهم - أول الأمر.
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٦/ ١١٧) عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أنهم كانوا يقترئون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر آيات، ولا يأخذون في العشر الأُخرى حتى يعلموا ما في هذه من العمل والعلم فإنا علمنا العمل والعلم".