للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في رواية: "عرض على عيينة بن حصن، أن يقدم له شيئًا من تمر المدينة؛ مقابل أن يعود بقومه، وأن يخذل أولئك الأحزاب أيضًا" (١).

وذلك: لأن عددهم وصل إلى عشرة آلاف مقاتل، وكم معهم من العدة والإمكانات الشيء الكثير، وقد خان بنو قريظة العهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين أيضًا، وعزموا على مقاتلة المسلمين.

فكلُّ أولئك الأحزاب: قد انحازوا إلى بعضهم بعضا، في مقابل المؤمنين على قلة عددهم.

فكانت النتيجة: أن أرسل الله سَبْحانه وتعالى على الأحزاب ريحًا شديدة؛ فكفأت قدورهم، وأطفأت نارهم، وخلعت ثيابهم، وبثَّت الرعب والفزع والخوف بين صفوفهم!.

فقام أبو سفيان - رضي الله عنه - يترجَّل، فركب راحلته، وأعلن الرحيل إلى مكَّة (٢).

ولمَّا علمت باقي القبائل بعزمه الرحيل: تتابعوا على ذلك، وصدق الله عزَّ وجلَّ حين قال: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: ٢٥].

فهذا: هو شأن مَن ينصر دين الله، ومَن يقف مع كتاب الله عزَّ وجلَّ،

ومع سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن الله سُبْحانه وتعالى لن يتخلَّى عنه، ولن يتركه للعذاب.

وقد قال الله سُبْحانه وتعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) يُنظر: "السيرة النبوية وأخبار الخلفاء" لابن حبان (١/ ٢٦٢)، حيث قال: "ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش! إنكم والله! ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من هذه الريح ما ترون، والله! ما يستمسك لنا بناء ولا تطمئن لنا قدور، فارتحلوا فإني مرتحل، ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه، ثم ضربه فوثب به على ثلاث، فما أطلق عقاله إلا وهو قائم".

<<  <  ج: ص:  >  >>