للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونسوق قصة حذيفة - رضي الله عنه - يومها باختصار:

فقد عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه - رضي الله عنهم -، أن يذهب أحدهم إلى المشركين، فيدخل فيهم، ويتخلل بين صفوفهم؟

فلم يجبْه أحدٌ، فاختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -، ودعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فذهب، ودخل في صفوف المشركين، وقام أبو سفيان - رضي الله عنه - ولم يكن أسلم يومها فقال للمشركين: لينظر كل إنسان إلى من بجواره؟

فسبق حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - فقال للذي بجواره: من أنت؟ - حتى لا يعطيه الفرصة ليسأله فينكشف أمره - فقال الرجل لحذيفة - رضي الله عنه -: أنا فلان.

وهذه القصة: مشهورة، ومعروفة في أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي كتب السير والتفسير.

وقد رجع حذيفة - رضي الله عنه - بخبر أولئك الأقوام، إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي طريق عودته إلى المسلمين: أخذ سهمًا من كنانته، وأراد أن يضرب به أبا سفيان - رضي الله عنه - سيد قريش يومها، لكنه تذكَّر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحدثن حدثًا، حتى تأتي إليَّ".

فردَّ السهم إلى كنانته، وكانت ليلة باردة؛ فأدفأه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بعد أن نام واستيقظ (١).

والقصة فيها تفصيل، ومحل الشاهد منها هنا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما


(١) أخرجه مسلم (١٧٨٨) عن حذيفة وفيه " … فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟ "، فسكتنا فلم يجبه منا أحد، … فقال: "قم يا حذيفة، فأتنا بخبر القوم"، فلم أجد بدًّا إذ دعاني باسمي أن أقوم، قال: "اذهب فأتني بخبر القوم، ولا تذعرهم علي"، فلما وليت من عنده جعلت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم، فرأيت أبا سفيان يصلي ظهره بالنار، فوضعت سهمًا في كبد القوس فأردت أن أرميه، فذكرت قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تذعرهم عليَّ"، ولو رميته لأصبته … الحديث".

<<  <  ج: ص:  >  >>