للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ثبت ذلك في حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنها -، وهو حديث متفق عليه، وقد أشرنا إليه قبل قليل.

قول: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: "يَجُوزُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ فِي العَسَاكِرِ المَأْمُونَةِ") (١).

وهذا الذي أشرنا إليه، فقوله: (في العساكر المأمونة)، يعني: في جيش كبير للمسلمين؛ بحيث يُؤمَن على المصحف الشريف معهم. ففي هذه الحالة يجوز السفر بالقرآن إلى أرض العدوِّ؛ فيما يرى الإمام أبو حنيفة.

أما جمهور العلماء: فيمنعون ذلك مطلقًا؛ صيانة للقرآن الكريم، وحفظًا له.

قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: هَلِ النَّهْيُ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ العَامُّ؟ أَوْ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الخَاصُّ؟).

مراد المؤلف رَحِمه الله أنه: هل النهي عن السفر بالقرآن الكريم إلى أرض العدو عام؛ بحيث يشمل حالة لو كان المسافرون قلة أو كثرة؟

أو أن هذا النهي العام أُريد به الخاصّ؛ وهو أن يكون المسافرون قلة؛ بحيث يَصعُب عليهم الحفاظ على المصحف الشريف في هذه الحالة؟

والحديث - كما مر -: إنما هو عامٌّ، ولم يُقيد ذلك بصفة دون صفة، ولا بجماعة دون أُخرى، ولا بعدد دون عدد آخر.


(١) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٧/ ١٠٢) حيث قال: "وأما المسافرة بالقرآن العظيم إلى دار الحرب فيُنظر في ذلك، إن كان العسكر عظيمًا مأمونًا عليه لا بأس بذلك؛ لأنهم يحتاجون إلى قراءة القرآن، وإذا كان العسكر عظيمًا يقع الأمن عن الوقوع في أيدي الكفرة والاستخفاف به، وإن لم يكن مأمونًا عليه، كالسرية يكره المسافرة به لما فيه من خوف الوقوع في أيديهم والاستخفاف به، فكان الدخول به في دار الحرب تعريضًا للاستخفاف بالمصحف الكريم".

<<  <  ج: ص:  >  >>