للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ قَالَ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}، وهذه طهارةٌ بالماء أصلية كبرى.

ثمَّ قَالَ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}، فقوله: "فتيمموا" هذا البدل، وقوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}، هذا بيان سبب الصغرى. وقَوْله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}، هذَا بيان سبب الكُبْرى.

ولَوْ حَمَلناه على المسِّ الذي هو الجس باليد، لكانت الآية الكريمة ذَكَرت سببين للطهارة الصغرى، وسَكت الله عن سبب الطهارة الكبرى مع أنه قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}، وهَذَا خلاف البلاغة القرآنية.

وعليه؛ فتكون الآيةُ دالةً على أن المراد بقوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}، أي: "جامعتم"؛ ليكونَ قد تمَّ ذِكْرُ السببين الموجبين للطهارة: السبب الأكبر، والسبب الأصغر، والطهارتين الصغرى في الأعضاء الأربعة، والكُبْرى في جميع البدن، والبدل الذي هو طهارة التيمم في عضوين فقط؛ لأنه يَتسَاوى فيها الطهارة الكبرى والصغرى.

فالراجح: أن مسَّ المرأة لا ينقض الوضوء مطلقًا إلا إذا خرج منه شيءٌ، فَيَكون النقض بذلك الخارج.

قوله: (المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَسُّ الذَّكَرِ).

المسُّ لا بد أن يكون بدون حائلٍ؛ لأنه مع الحائل لا يعدُّ مسًّا.

وقَوْله: "الذَّكَر"، أي: أن الذي ينقض الوضوء مسُّ الذكر نفسه، لا ما حوله.

وَقَد اشترط بعضهم أن يكون الذكر متصلًا؛ احترازًا من المنفصل، فلو قُطِعَ ذَكرُ إنسانٍ في جنايةٍ، أو علاجٍ، أو ما أشبه ذلك، وأخذه إنسان ليدفنه، فَإنَّ مسَّه لا ينقض الوضوء.

وأيضًا لا بد أن يكون أصليًّا؛ احترازًا من الخنثى؛ لأنَّ الخنثى ذَكرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>