للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلا فإن مذهب الجمهور تشهد له أدلةٌ أُخرى كما ذَكَرْنَا، كحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - (١)، وحديث الأخوين يوم خيبر (٢).

* قوله: (وَأَمَّا القِيَاسُ المُعَارِضُ لِظَاهِرِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، فَهُوَ أَنْ يَكُونَ سَهْمُ الفَرَسِ أكْبَرَ مِنْ سَهْمِ الإِنْسَانِ).

وهذا القياسُ الذي أورَدَهُ المؤلِّفُ غير مسلَّم به؛ لأنه قياسٌ في معارَضة الدليل الصحيح، والأصل عند العلماء المُحقِّقِين أنه لا قياسَ صحيح يعارِضُ نَصًّا صحيحًا.

كما أن هناك فرقًا بين مَن يقاتِلُ على قدميه ومَن يقاتِلُ على ظَهر فَرَسٍ؛ لأن للفرس أثرًا أكبر في القتال والمواجَهة، وقد وَرَدَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الخيلُ معقودٌ في نواصيها الخير" (٣).

هذا إلى جانب ما يحتاج إليه الفرس من النفقة والعناية، فإن الذي يحتاجه الفرسُ في هذا الصَّدَدِ - لا شكَّ - أنه أكثر مما يحتاجه الإنسان، فالفرس في حاجةٍ دائمةٍ للعناية والرعاية والمتابَعة، وكل هذه الأُمور تحتاج إلى نفقاتٍ، ولذلك كانت الزيادة في سَهْمِ الفَرَسِ.

* قوله: (هَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي تَرْجِيحِ الحَدِيثِ المُوَافِقِ لِهَذَا القِيَاسِ عَلَى الحَدِيثِ المُخَالِفِ لَه، وَهَذَا القِيَاسُ لَيْسَ بِشَيْءٍ).

وهاهنا يعود المؤلِّفُ لِيُضعِّفَ بنفسه هذا القياسَ الذي أورَدَهُ في مقابَلة النَّصِّ الصحيح، وهو ضعيفٌ بالفعل كما ذَكَرَ.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٦/ ٤٨٨) عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "حين قسم للفرس سهمين وللرجل سهمًا، فكان للرجل، ولفرسه ثلاثة أسهم".
(٢) أخرجه الطيالسي في "مسنده" (٢/ ٦٦٧) عن أبي حازم الغفاري، قال: حدثني مولاي أبو رهم، قال: حضرت حنينًا أنا وأخي، ومعنا فرسان "فأسهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لنا أربعة أسهم ولي ولأخي سهمين" فبعنا سهمين من حنين ببكرين. وضعفه ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (٤/ ٥٩٩).
(٣) أخرجه البخاري (٢٨٥٠)، ومسلم (١٨٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>