للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تافهةٍ لا تستحق في الحقيقة أن يُغضِبَ الإنسان رَبَّهُ ولا أن ينال العقوبتين الدنيوية والأُخروية من أجلها، ولذلك لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السارقَ الذي يَسرق الشيءَ التَّافهَ البسيطَ الذي يورده المهالك.

وفي هذا دلالةٌ على عدم جواز الغلول، وأن الغالَّ ينبغي عليه أن يبادرَ بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى ورَدِّ ما عصَبَهُ وغَلَّهُ إلى المَغنَم، فيما عدا ما وَرَدَ النَّصُّ باستثنائه كما سيأتي.

* قوله: (فَإِنَّ الغُلُولَ عَازرٌ وَشَنَارٌ (١) عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ"، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآثَارِ الوَارِدَةِ فِي هَذَا البَابِ).

و"الشنار" في اللغة: العار والعيب، ولذا فقد جاء في بعض الروايات: "فإن الغلول نار وشنار" (٢)، أي: أنه نارٌ تحرق صاحبها يوم القيامة، وهو كذلك شنار وشُنعةٌ في الحياة الدنيا؛ لأن الناس يغمزون الغالَّ ويشتهر بينهم ذِكرُه بأنه يأخذ من المَغنَم بغير حقٍّ ويُخفي منه ما لا يجوز له إخفاؤه، فيتلبَّس بهذه الشُّنعة ويوصف بها بين الناس، ولا شكَّ أن المؤمن ينبغي عليه دائمًا أن ينأى بنفسه عن مثل هذه المواطن، وأن يحافظ دائمًا على المنزلة التي كَرَّمَهُ الله بها ورَفَعَه بها بين الناس.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي إِبَاحَةِ الطَّعَامِ لِلْغُزَاةِ مَا دَامُوا فِي أَرْضِ الغَزْوِ).

ومراد هذه المسألة هو ما إذا كان يجوز للغزاة أن يأكلوا من الطعام الذي يجدوه في دار الحرب ويعلفوا منه دوابهم أم لا.

وقول المؤلِّف بوجود الخلاف هاهنا غير مسلَّمٍ به؛ فإنه بقوله هذا


(١) "الشنار": العيب والعار. انظر: "الصحاح" للجوهري (٢/ ٧٠٤).
(٢) أخرجها البزار في "مسنده" (١٠/ ١٣٤). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٥/ ٣٣٧) رواه أحمد، والبزار، والطبراني، وفيه أم حبيبة بنت العرباض، ولم أجد من وثقها ولا جرحها، وبقية رجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>