للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَحَدِيثُ ابْنِ مُغَفَّلٍ هُوَ قَالَ: "أَصَبْتُ جِرَابَ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ").

و"الجراب": هو إناء من جِلد يُحفظ فيه الزاد، بحيث يضع فيه بعض الناس عسلًا، ويضع فيه بعضهم تمرًا، وبعضهم يضع فيه سمنًا، وغير ذلك من أنواع الأطعمة. كما يُطلَق الجراب أيضًا على الحافِظِ الجلديِّ الذي يوضع فيه السيفُ.

* قوله: (فَقُلْتُ: "لَا أُعْطِي مِنْهُ شَيْئًا، فَالتَفَتُّ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَبَسَّمُ"، خَرَّجَهُ البُخَارِيُّ (١) وَمُسْلِمٌ).

وهذا لا شكَّ أنه من تمام حُسن أخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكما قالت عائشة - رضي الله عنها - لما سُئلَت عن أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - قالت: "كان خُلقه القرآن" (٢)؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان في أخلاقه وتعاملاته يُمثِّل القرآنَ الذي أُنزِل عليه، كما قال الله سبحانه وتعالى في آخر سورة التوبة: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)}.

وهذه الرأفة والرحمة والعطف تتجلَّى هاهنا في موقفه من عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - حينما وجدَ هذا الجراب من الشحم (٣) فقال: "لا أعطِي منه شيئًا" (٤). ثم التَفَتَ فإذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقابله بهذا التبسُّم الرحيم من جانبه، كما كان نهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - دائمًا، ونهج الصحابة الذين تربوا في مدرسته ونهلوا من مشكاته وتأثروا بأخلاقه - صلى الله عليه وسلم -، والذين كان رسول الله


(١) أخرجه البخاري (٣١٥٣) ومسلم (١٧٧٢) عن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه -، قال: "كنا محاصرين قصر خيبر، فرمى إنسان بجراب فيه شحم، فنزوت لآخذه، فالتفت، فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاستحييت منه".
(٢) أخرجه مسلم (٧٤٦)، بلفظ: "فإن خلق نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان القرآن".
(٣) "شحم": الشين والحاء والميم أصل يدل على جنس من اللحم. انظر: "مقاييس اللغة" لابن فارس (٣/ ٢٥١).
(٤) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>