للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ هُوَ: هَلْ بَيْنَ الآيَتَيْنِ الوَارِدَتَيْنِ فِي المَغَانِمِ تَعَارُضٌ؟ أَمْ هُمَا عَلَى التَّخْيِيرِ؟ أَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} الآية [الأنفال: ٤١]، وقَوْلَهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} الآيَةَ [الأنفال: ١].

وهناك أدلَّة قد أشرنا إليها سابقًا، وهو ما جاء في حديث حبيب بن مسلمة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعطي السرية في البداءة الربع بعد الخمس، وفي الرجعة الثلت بعد الخمس" (١). وهذا هو مذهب الإمام أحمد رحمه الله (٢).

فحالة البداءة معناها: أن الجيش إذا كان وصل إلى دار الحرب أرسَلَ الإمام بين يديه سَرِيَّةً من الجيش تُغِيرُ على الأعداء، فتغنم منهم مغنمًا، وهذا المغنم الذي غنمته السرية يأخذ منه الإمام خُمُسَة، ثم بعد ذلك يعطي أصحاب السرية الرُّبُع، ثم يوزِّع الثلاثة أرباع بين الجيش والسرية.

فالسرية تشارك الجيشَ في المغنم، لأنها هي التي أغارت وظفرت بالغنيمة، بينما الجيش يشارك السرية؛ لأنه كان ردءًا لها يحفظها ومددًا تستعين به في إغارتها على العدو.

أما في حالة الرجعة: فالجيش إذا قَفَلَ راجعًا بعد انتهاء المعركة فإن الإمام يرسل سرية أُخرى تُغِير على العدو، فإذا ظفرت بشيءٍ فإن الإمام يأخذ الخُمُسَ أيضًا، لكنه في هذه الحالة يعطي السريةَ الثُّلثَ، ثم يقسم الثلثين الباقيين بين الجيش وبين السرية.

والسبب في هذا الفرق بين حالة البداءة وحالة الرجعة أمران:

الأمر الأول: أنهم عندما أغاروا في المرة الأولى إنما أخذوا العدو على غرة، حيث لم يكن متهيئًا لقتالهم.


(١) أخرجه أبو داود (٢٧٤٩)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
(٢) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>