للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استدلَّ الإمام الشافعيُّ رحمه الله على قوله هذا بالحديث الذي سيأتي ذِكرُهُ عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، وفيه: "أنهم كانوا قد أغاروا على عدوِّهم، فأخذوا منه الغنيمة اثني عشر بعيرًا، وَزِيدُوا - أي: نُفِّلُوا - بعيرًا بعيرًا" (١)، وقد تعرَّضَ العلماء لهذا الحديث وبيَّنوا أنه لا يمكن أن ينطبق على خُمُس الخُمُس، وإنما كان ينطبق لو كانت خمسة وعشرين بعيرًا.

* قوله: (وَمَنْ رَأَى أَنَّ الآيَتَيْنِ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّهُمَا عَلَى التَّخْيِيرِ - أَعْنِي: أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ مِنْ رَأْسِ الغَنِيمَة مَنْ شَاءَ، وَلَهُ أَلَّا يُنَفِّلَ - بِأَنْ يُعْطِيَ جَمِيعَ أَرْبَاعِ الغَنِيمَةِ للْغَانِمِينَ - قَالَ بِجَوَازِ النَّفْلِ مِنْ رَأْسِ الغَنِيمَةِ. وَلاخْتِلَافِهِمْ أَيْضًا سَبَبٌ آخَرُ وَهُوَ اخْتِلَافُ الآثَارِ فِي هَذَا البَابِ، وَفِي ذَلِكَ أَثَرَانِ، أَحَدُهُمَا: مَا رَوَى مَالِكٌ (٢) عَنِ ابْنِ عُمَرَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إِبِلًا كثِيرَةً، فَكَانَ سُهْمَانُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا"، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفْلَ كانَ بَعْدَ القِسْمَةِ مِنَ الخُمُسِ).

وقوله: "قِبَلَ نَجْدٍ"، أي: جِهَتَهَا.

وقوله: "سُهْمَانُهُم"، السُّهمان: جمع (سَهْمٍ).

وقوله: "ونفلوا بعيرًا بعيرًا"، أي: أخذ كلّ واحدٍ منهم سهمًا زائدًا على ما يستحقه.

وهذا الحديث يستدلّ به الشافعية لقول الإمام الشافعي رحمه الله في المسألة.


(١) سيأتي تخريجه.
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٤٥٠). وصححه الألباني في "التعليقات الحسان" (٤٨١٣).
والحديث أخرجه البخاري (٣١٣٤)، ومسلم (١٧٤٩/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>