للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الأول: هو قول جمهور أهل العلم، بعدم جواز الزيادة عن الثلث (١)، وأن الثلث هو حدّ الغاية في هذا التنفيل من جهة الإمام بحيث يجوز له أن يمنح أقل من هذا القدر، ويجوز له ألا يمنح من الأصل، لكن لا يجوز له أن يزيد عنه، بل يمنح الربع أو الثلث ولا يزيد عن ذلك.

القول الثاني: هو قول الإمام الشافعي رحمه الله، وهو أن الأمر متروكٌ لاجتهاد الإمام، بحيث يجوز له أن يزيد عن هذا القدر وأن ينقص عنه بحسب يؤدّي إليه اجتهاده (٢).

* قوله: (وَقَالَ قَوْمٌ: إِنْ نَفَّلَ الإِمَامُ السَّرِيَّةَ جَمِيعَ مَا غَنِمَتْ جَازَ (٣)، مَصِيرًا إِلَى أَنَّ آيَةَ الأَنْفَالِ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، بَلْ مُحْكَمَةٌ، وَأَنَّهَا عَلَى عُمُومِهَا غَيْرُ مُخَصَّصَةٍ، وَمَنْ رَأَى أَنَّهَا مُخَصَّصَةٌ بِهَذَا الأَثَرِ، قَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُنَفِّلَ أَكْثَرَ مِنَ الرُّبُعِ أَوِ الثُّلُثِ (٤). وأَمَّا المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَهِيَ: هَلْ يَجُوزُ الوَعْدُ بِالتَّنْفِيلِ قَبْلَ الحَرْبِ؟ أَمْ لَيْسَ يَجُوزُ ذَلِكَ؟).

والمراد هاهنا: ما إذا كان يجوز للإمام أن يَعِدَ المجاهدين قبل بدء الحرب أن يخصهم بنفلٍ من الغنيمة أم لا.

فمن أهل العلم مَن كَرِه ذلك، وعَلَّلَ كراهته له بأن ذلك من شأنه أن يؤثر على نية المجاهدين؛ لأن القصد والغاية من الجهاد إنما هو رفع راية التوحيد وإعلاء كلمة الله، مما ينبغي فيه أن يكون الإخلاص فيه لله وحده وابتغاء مرضاة الله والدار الآخرة دون النظر للغايات الدنيوية.


(١) تقدَّم.
(٢) سيأتي.
(٣) يُنظر: "الأم" للشافعي (٤/ ١٥١)، حيث قال: "وقد روى بعض الشاميين في النفل في البدأة والرجعة الثلث في واحدة والربع في الأُخرى، ورواية ابن عمر أنه نفل نصف السدس فهذا يدل على أنه ليس للنفل حد لا يجاوزه الإمام".
(٤) تقدَّم تخريجه وهو قول الجمهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>