للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما أكثر أهل العلم فذهبوا إلى عدم تأثير ذلك على نية المجاهِدين؛ لأن مَن خرج مجاهدًا في سبيل الله سبحانه وتعالى إنما قد باع نفسه لله ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى، أما أن تُفعَلَ الطاعةُ لغرضٍ دنيويٍّ فإن هذا من شأن المنافقين، ومعلومٌ أن المنافق لا يُقدِمُ أصلًا على عبادة الجهاد التي قد يُقتَل فيها.

* قوله: (فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ (١)، وَأَجَازَهُ جَمَاعَةٌ) (٢).

أما الجماعة الذين يحكي المؤلِّفُ عنهم قولهم بالجواز فإنما هم جمهور أهل العلم.


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (٢/ ١٩١)، حيث قال: "وحاصله أنه لا يجوز للإمام أن يقول للمجاهدين: من قتل قتيلًا فله سلبه؛ لأنه يؤدي لفساد نيتهم".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٤٢)، حيث قال: "والوجه الثالث أن يحرض الإمام أو أمير الجيش أهل العسكر على القتال قبل لقاء العدو وينفل من شاء منهم .. وهذا الوجه كان مالك يكرهه ولا يجيزه، وأجازه جماعة من أهل العلم غيره".
مذهب الحنفية، يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (١٠/ ٢٨)، حيث قال: "حبيب بن سلمة قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفل في البداءة الربع وفي الرجعة الثلث"، وفيه دليل على جواز التنفيل للتحريض على القتال كما أمر الله تعالى به رسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} ".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "بحر المذهب" للروياني (٦/ ٢٣٨)، حيث قال: "ما ادعى إلى التحريض على القتال والاجتهاد في الظفر، مثل: أن يقول الإمام أو أمير الجيش من يقدم في السرايا إلى دار الحرب فله كذا وكذا، ومن فتح هذه القلعة فله كذا وكذا، أو من قتل فلانًا فله كذا، أو من أقام كمينًا فله كذا، فهذا جائز".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٦٣٤)، حيث قال: "وزيد في الرجعة على البداءة لمشقتها؛ لأن الجيش في البداءة ردء عن السرية وفي الرجعة منصرف عنها. والعدو مستيقظ، ولأنهم مشتاقون إلى أهليهم فيكون أكثر مشقة. ولا يعدل شيء عند أحمد الخروج في السرية مع غلبة السلامة؛ لأنه أنكى للعدو".

<<  <  ج: ص:  >  >>