للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ مَفْهُومِ مَقْصِدِ الغَزْوِ لِظَاهِرِ الأَثَرِ، وَذَلِكَ أَنَّ الغَزْوَ إِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ العَظِيمِ، وَلِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا).

والمراد بمفهوم مقصد الغزو هو أن الغزو إِنما يُقصَد منه إعلاء كلمة الله، كما جاء في الحديث: "مَن قات لتكون كلمةُ الله هي العليا فهو في سبيل الله" (١)، بخلاف مَن يقاتل حمية أو عصبية ومَن يقاتل طمعًا في الغنيمة، فإن هذا لا ينال ثواب الجهاد وأجره، وإنما ينال ما نواه فقط.

* قوله: (فَإِذَا وَعَدَ الإِمَامُ بِالنَّفْلِ قَبْلَ الحَرْبِ، خِيفَ أَنْ يَسْفِكَ دِمَاءَهُمُ الغُزَاةُ فِي حَقِّ غَيْرِ اللَّهِ).

والمراد أن القائلين بعدم جواز وعد الإمام بالنفل قبل الحرب، إنما علَّلوا ذلك بأنه يُخشَى أن يكون هذا الوعد سببًا في إفساد نية المجاهد، بحيث تختلط النية بغرض من أغراض الدنيا، مما يُضعِف الإخلاصَ، بحيث يمكن أن يصير فساد الإخلاص هذا سببًا في انهزام المسلمين وانتصار العدو عليهم، بينما المجاهد ينبغي أن يقاتل ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى دون ما سواه، فيبيع نفسه وماله في سبيل الله.

ويجابُ عن هذا بأن هذا إنما يحدث لضعفاء الإيمان، أما من قَوِيَ دينُهم ورسخ اعتقادهم فإنهم لا يتأثرون بمثل هذا، لأنهم يعلمون حق العلم أنه سيأتيه نصيبه من الغنيمة التي ستُحوَزُ سواء وعدهم الإمام بها أم لم يعدهم.

* قوله: (وَأَمَّا الأَثَرُ الَّذِي يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ جَوَازَ الوَعْدِ بِالنَّفْلِ، فَهُوَ حَدِيثُ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُنَفِّلُ فِي


(١) أخرجه البخاري (١٢٣)، ومسلم (١٩٠٤/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>