للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مَالِكٌ: "لَا يَسْتَحِقُّ القَاتِلُ سَلَبَ المَقْتُولِ إِلَّا أَنْ يُنَفِّلَهُ لَهُ الإِمَامُ عَلَى جِهَةِ الاجْتِهَادِ") (١).

القول الأول: أن القاتل لا يستحقّ السلب إلا إذا نَفَّلَهُ الإمامُ له.

وهو قول الإمام مالكٍ رحمه الله، وأبي حنيفة (٢)، والثوري (٣)، حيث يرى أن استحقاق القاتل للسلب مقيَّدٌ بإذن الإمام في ذلك، أي: أنه لا يستحقه بمجرد القتل، وإنما حتى لو قتله فالإمام يملك إعطاءه أو منعه.

وهذا الرأي مخالفٌ للأحاديث الصحيحة المتَّفَق عليها الواردة في المسألة، إلى جانب قصة عوف بن مالكٍ الذي لَحِقَ بمدد أوائل مناوشات الروم، فوجد رجلًا يحرض على القتال، فأخذ يدور وراءه، ثم التَفَّ وراء حَجرٍ فعَقَرَ رأسه حتى سَقَطَ ثم قَتَلَه، فأعطاه خالد بن الوليد شيئًا من السلب، فشكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَهُ بأن يعطيه ما تبقَّى من سلب المقتول (٤).

وهناك رواية أُخرى جاء فيها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعطه ما تبقى من السلب، وقيل: إن سبب عدم إعطائه السلب كاملًا ما حَصَلَ من عوف بن مالك من جفوةٍ تجاه خالد بن الوليد، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (٢/ ١٩٠)، حيث قال: "إن الإمام إذا قال لشخص لما علم من شجاعته أو تدبيره: إذا قتلت قتيلًا فلك سلبه، أو أعطاه دينارًا أو بعيرًا فإنه يحسب سلب القتيل أو الدينار أو البعير من الخمس لا من أصل الغنيمة".
(٢) سيأتي.
(٣) سيأتي.
(٤) لم أقف عليه بهذا اللفظ لكن أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (١٢/ ٢٦٩) عن جبير عن عوف: أن مدديًّا رافقهم في غزوة مؤتة وأن روميًّا كان يشد على المسلمين، ويفري بهم، فتلطف به ذلك المددي، فقعد له تحت صخرة، فلما مر به عرقب فرسه، وخر الرومي لقفاه، وعلاه بالسيف، فقتله، فأقبل بفرسه وسرجه ولجامه وسيفه ومنطقته، وسلاحه مذهب بالذهب والجوهر إلى خالد بن الوليد، فأخذ منه خالد طائفة، ونفله بقيته. . .

<<  <  ج: ص:  >  >>