للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَيِّتِ، وَفِيهِ أَثَرٌ ضَعِيفٌ: "مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ) (١).

وقوله: "ميت"، يَشْمَل الذَّكَر والأنثى، والصغير والكبير، والحر والعبد، ولو من وراء حائلٍ؛ لأنه يقول: "حَمَلَ ولم يقل: "مس".

ويُجَابُ عَنْ ذَلكَ:

أَنَّ الأَمْرَ يحتمل أن يَكُونَ على سبيل الاستحباب، وفرض شَيْءٍ على عباد الله من غير دليلٍ تطمئن إليه النفس أمرٌ صعبٌ؛ لأنَّ فرضَ ما ليس بفرضٍ كتحريم ما ليس بحرامٍ.

ولأنَّنا إذا فَرَضنا عليه الوضوء، فقَدْ أبطلنا صلاته إذا حمل الميت وصلى، ولم يعد الوضوء، وإبطالُ الصلاة أمرٌ صعبٌ يحتاج إلى دليلٍ بَيِّنٍ.

قوله: (وَيَنْبَغِي أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ جُمْهُورَ العُلَمَاءِ أَوْجَبُوا الوُضُوءَ مِنْ زَوَالِ العَقْلِ بِأَيَّ نَوْعٍ كانَ، مِنْ قِبَلِ إِغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سُكْرٍ، وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ قَاسُوهُ عَلَى النَّوْمِ، أَعْنِي أَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّهُ إِذَا كَانَ النَّوْمُ يُوجِبُ الوُضُوءَ فِي الحَالَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبٌ لِلْحَدَثِ غَالِبًا، وَهُوَ الاسْتِثْقَالُ، فَأَحْرَى أَنْ يَكُونَ ذَهَابُ العَقْلِ سَبَبًا لِذَلِكَ، فَهَذِهِ هِيَ مَسَائِلُ البَابِ المُجْمَعُ عَلَيْهَا، وَالمَشْهُورَاتُ مِنَ المُخْتَلَفِ فِيهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ نَصِيرَ إِلَى البَابِ الخَامِسِ).

زَوالُ العقل على نوعين:

الأوَّل: زوالُهُ بالكلية، وهو رفع العقل، وذلك بالجنون.

الثاني: تغطيتُهُ بسببٍ يوجب ذلك لمدةٍ معينةٍ كالنوم، والإغماء، والسكر، وما أشبه ذلك.


(١) أخرجه أبو داود (٣١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>