لعُمُوم الحديث. ولا يُقَالُ: إنَّ لحم الصغير يترفَّه به كلحم الضأن، فلا يوجب الوضوء؛ لأنَّ هذه علةٌ مظنونةٌ، والعموم أقوى منها، فنأخذ به.
وهَذَا النَّاقضُ من نَوَاقض الوضوء هو من مفردات مذهب أحمد -رحمه الله -، واستدلُّوا على ذلك بما يلي:
١ - حديث جابر بن سَمُرةَ - رضي الله عنه - أن رجلًا سأل النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال:"نعم، فتوضأ من لحوم الإبل"، قال: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال:"إِنْ شِئْتَ فتوضأ، وإن شئتَ فلا تتوضأ".
وجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علَّق الوضوء بالمشيئة في لحم الغنم، فدلَّ هذا على أن لحم الإبل لا مشيئةَ فيه، ولا اختيار، وأن الوضوء منه واجب.
٢ - حديث البَرَاء، وفيه:"تَوضَّؤوا من لحوم الإبل"، والأصل في الأمر الوجوب.
قال الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه: فيه حديثان صحيحان عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (حديث البَرَاء، وحديث جابر بن سمرة).
(١) أخرج عبد الرزاق (٣٧٦٠)، عن حفصة بنت سيرين، عن أبي العالية قال: كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصلي بأصحابه يومًا، فَجَاء رجل ضرير البصر، فوقع في ركية فيها ماء، فضحك بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ ضحك فليُعِدْ وُضُوءه، ثم ليُعِدْ صلاته".