للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَاخْتِلَافُهُمْ رَاجِعٌ إِلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي: هَلْ يَمْلِكُ الكُفَّارُ عَلَى المُسْلِمِينَ أَمْوَالَهُمْ إِذَا غَلَبُوهُمْ عَلَيْهَا، أَمْ لَيْسَ يَمْلِكُونَهَا؟).

وأكثر أهل العلم يذهبون إلى أن الكفار إذا غلبوا المسلمين على أموالهم فإنهم حينئذٍ يملكونها قهرًا (١)، ويدلّ عليه الحديث الشريف الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أسلم على شيء فهو له" (٢).

ومن المعلوم أن الكفار كانوا يستولون على أموال المسلمين بمكة، وأن هذه الأموال قد بقيَت بحوزة المشركين، وتَمَلَّكُوها.

وسيأتي ذِكْرُ حديث أسامة بن زيدٍ - رضي الله عنه - أنه قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ نَنْزِلُ غَدًا؟ فِي حَجَّتِهِ، قَالَ: "وَهَلْ تَرَكَ لنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا؟ ". ثُمَّ قَالَ: "نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِي كنَانَةَ" (٣). يَعْنِي: المُحَصَّبَ، حَيْثُ قَاسَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الكُفْرِ، وَذَلِكَ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ حَالَفَتْ


(١) عند الحنفية والمالكية أنهم يملكونها.
يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (١٠/ ٥٢)، حيث قال: "إن الكفار يملكون أموال المسلمين بالقهر إذا أحرزوه بدارهم عندنا".
ومذهب المالكية، يُنظر: "روضة المستبين" لابن بزيزة (١/ ٦٠٨)، حيث قال: "قد حكينا عن مالك أن الكفار مالكون ما حكموا من مال المسلمين".
ومذهب الشافعية لا يملكوها، يُنظر: "كفاية النبيه في شرح التنبيه" لابن الرفْعَة (١٦/ ٤٦٨)، حيث قال: "وإن غلب الكفار المسلمين على أموالهم، لم يملكوها؛ لقوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}؛ فلو ملكوها لكان لهم عليهم سبيل".
ومذهب الحنابلة روايتان يُنظر: "المسائل الفقهية" لأبي يعلى الفراء (٢/ ٣٦١)، حيث قال: "إذا ظهر أهل الحرب على المسلمين وسبوا أموالهم وحازوها إلى دار الحرب ملكوها بالقهر والإحازة، فإن ظهر عليها المسلمون بعد ذلك فمن وجد عين ماله قبل القسمة فهو له ومن وجده بعد القسمة فهل يكون أحق به بالقيمة أم لا حق له فيه؟ على روايتين".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري (٣٠٥٨)، ومسلم (١٣٥١/ ٤٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>