للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل إن الإمام الشافعيَّ رَحِمَهُ اللهُ هو أول مَن قال بهذا القول، وهذا ليس قوله الشافعي وحده، فإن هذا القوله كذلك هو رواية عن الإمام أحمد (١) كما روى ابن المنذر (٢)، والقاضي من علماء الحنابلة المتقدمين (٣)، لكن الإمامَ الشافعي أَسْبَقُ بهذا القول من الإمام أحمد (٤).

* قوله: (وَلَا سِيَّمَا أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - "قَسَّمَ خَيْبَرَ بَيْنَ الغُزَاةِ" (٥)؛ قَالُوا: فَالوَاجِبُ أَنْ تُقَسَّمَ الأَرْضُ لِعُمُومِ الكِتَابِ، وَفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الَّذِي يَجْرِي مَجْرَى البَيَانِ لِلْمُجْمَلِ فَضْلًا عَنِ العَامِّ) (٦).

والمراد بفعله - صلى الله عليه وسلم - هو ما كان منه لَمَّا قَسَّمَ نصف خيبر بين الغانمين، وتَرَكَ النصف الآخر بأيدي أهلها وقفًا للمسلمين.


(١) يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٤/ ١٩٩)، حيث قال: "وقال الخرقيُّ: يُخمّسُ. واختارهُ أبُو مُحمّد يُوسُفُ الجوزيُّ. قال القاضي: ولم أجد عن أحمد بما قال الخرقيُّ نصًّا فعلى هذا، يُصرفُ مصرف خمس الغنيمة".
(٢) يُنظر: "فتح الباري" لابن حجر ٦/ ٢٠٨، حيث قال: "وانفرد الشافعي كما قال ابن المُنذر وغيرُهُ بأن الفيء يُخمسُ وأن أربعة أخماسه للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولهُ خُمُسُ الخُمُس كما في الغنيمة وأربعةُ أخماس الخُمُس لمُستحق نظيرها من الغنيمة".
(٣) تقدَّم.
(٤) قال ابن المنذر: "ولا نحفظ من أحد قبل الشافعي في الفيء الخمس كخمس الغنيمة، وقد روي أن عمر لما قرأ آية الفيء قال: استوعبت هذه الآية الناس، فلم يبق أحد من المسلمين إلا له في هذا المال حق". يُنظر: "الإقناع" لابن المنذر (٢/ ٥٠٠ - ٥٠١).
(٥) أخرجه البخاري (٤٢٣٥) عن زيد، عن أبيه، أنه سمع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: "أما والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس ببانًا ليس لهم شيء، ما فتحت علي قرية إلا قسمتها كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر ولكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها".
(٦) تقسيم الأرض التي افتتحها المسلمون عنوة: فقد ذهب المالكية والحنفية إلى تقسيم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر بين الغزاة، إنما هو من قبيل التصرف بالإمامة، فللإمام من بعده أن يجتهد في ذلك حسب المصلحة، وذهب الشافعي وأحمد إلى أنه تصرف بالفتوى لاتباعه - صلى الله عليه وسلم - في ذلك نص كتاب الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>