للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَة فَإِنَّمَا ذَهَبَ إِلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ القِسْمَةِ وَبَيْنَ أَنْ يُقَرَّ الكُفَّارُ فِيهَا عَلَى خَرَاجٍ يُؤَدُّونَهُ) (١).

قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ: إنه لو فتح المسلمون بلدًا قهرًا، فإنَّ الحاكم أو ولي الأمر أو الرئيس مُخيَّر، إمَّا أن يقسمها بين المسلمين جميعًا، وإمَّا أن يقرَّ أهلها عليها، ويفرض عليهم الجزية، ويفرض على أراضيهم الخراج.

* قَوْله: (لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَى خَيْبَرَ بِالشَّطْرِ (٢)، ثُمَّ أَرْسَلَ ابْنَ رَوَاحَةَ فَقَاسَمَهُمْ (٣) "؛ قَالُوا: فَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُقَسِّمْهَا، قَالُوا: فَبَانَ بِهَذَا أَنَّ الإِمَامَ بِالخِيَارِ بَيْنَ القِسْمَةِ وَالإِقْرَارِ بِأَيْدِيهِمْ، وَهُوَ الَّذِي فَعَلَ عُمَرُ - رضي الله عنه -).

وقال بعضهم: إنما ساقى النبي - صلى الله عليه وسلم - يهود خيبر من أجل اشتغاله بالجهاد في سبيل الله، وأمر بخَرْص ثمارها على اليهود من أجل أنه لم يأمنهم عليها.

* قوله: (وَإِنْ أَسْلَمُوا بَعْدَ الغَلَبَةِ عَلَيْهِمْ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ المَنِّ عَلَيْهِمْ أَوْ قِسْمَتِهَا عَلَى مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ، أَعْنِي: مِنَ المَنِّ، وَهَذَا إِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى رَأْيِ مَنْ رَأَى أَنَّهُ افْتَتَحَهَا عَنْوَةً، فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا


(١) يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني (٢/ ٣٨٤)، حيث قال: "وإذا فتح الإمام بلدة عنوةً "أي: قهرًا"، فهو بالخيار، إن شاء قسمه بين المسلمين "كما فعل رسول الله - عليه الصلاة والسلام - بخيبر"، وإن شاء أقرَّ أهله عليه، ووضع عليهم الجزية وعلى أراضيهم الخراج".
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٢٩)، ومسلم (١٥٥١)، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "عامل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خيبر بشطر ما يخرج منها من ثَمر أو زَرْعٍ".
(٣) أخرجه أبو داود (١٦٠٦)، عَنْ عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت وهي تذكر شأن خيبر: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود، فيخرص النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه"، وضعفه الأَلْبَانيُّ في "ضعيف أبي داود".

<<  <  ج: ص:  >  >>